وعمله نتيجة فكره وقواه، فهو بملكه لذاته وفكره وقواه تكوينا يملك أمواله المنتجة منها. والله - تعالى - خلق الإنسان مسلطا على ذاته حرا مختارا، فليس لأحد أن يحدد حريات الأفراد أو يتصرف في مقدراتهم بغير إذنهم. وللأفراد أن ينتخبوا الفرد الأصلح ويولوه على أنفسهم، بل يجب ذلك بعدما حكم العقل بأن المجتمع لابد له من نظام وحكم وأنهما من ضروريات حياة البشر.
ولا يخفى أن توافق أنظار المجتمع وتعاضدها في تشخيص لياقة الشخص و كفايته يوجب كون التشخيص أقرب إلى الواقع وأوقع في النفوس وأشد بعثا على الإطاعة والخضوع وانتظام أمر الأمة.
نعم، مع وجود الإمام المنصوص عليه كما هو معتقدنا في الأئمة الاثني عشر لا مجال للانتخاب، كما مر. كما أن شارع الإسلام بعد ما شرع في الوالي شروطا خاصة يجب أن يكون الانتخاب في إطارها ومع رعايتها، فلا يصح انتخاب الفاقد لها.
الأمر الرابع:
إن انتخاب الأمة للوالي وتفويض الأمور إليه وقبول الوالي لها نحو معاقدة و معاهدة بين الأمة وبين الوالي، فيدل على صحتها ونفاذها جميع ما دل على صحة العقود ونفاذها من بناء العقلاء، وقوله - تعالى -: " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود " (1)، وقول الإمام الصادق (عليه السلام) في صحيحة عبد الله بن سنان: " المسلمون عند شروطهم إلا كل شرط خالف كتاب الله - عزوجل - فلا يجوز. " (2) ونحوه غيره بناء على شمول الشرط للقرار الابتدائي أيضا كما لا يبعد.
لا يقال: وجوب الوفاء بالعقد يتوقف على كون العمل المعقود عليه تحت اختيار