المسألة السادسة قد يعترض بأنه لو كانت الشورى والانتخاب من قبل الأمة مصدرا للولاية شرعا كان على شارع الإسلام تثقيف الأمة وتنويرها بالنسبة إلى هذا الأمر المهم وبيان حدوده وشرائطه وكيفياته.
ويمكن أن يجاب عن هذا الاعتراض بأن عدم التحديد للشورى والانتخاب بحسب الكيفية ومواصفات الناخب كما وكيفا وغير ذلك وعدم صوغهما في قالب معين يجب أن يعد من ميزات الشريعة السمحة السهلة ومن مزاياها البارزة، حيث أراد الشارع بقاءها إلى يوم القيامة وانطباقها على مختلف الأعصار والبلاد و الظروف الاجتماعية والإمكانات الموجودة.
فحال تعيين الوالي حال سائر شرائط الحياة والبقاء من الغذاء واللباس والدواء و السكنى ووسائل السفر والاستضاءة وغير ذلك من لوازم المعيشة، حيث لا تتقدر بقدر خاص وشكل معين لاقتضاء كل ظرف شكلا معينا.
فأنت ترى أن الانتخاب للوالي الأعظم وأخذ الآراء له بالوضع الممكن فعلا لم يكن متيسرا في تلك الأعصار، وكل يوم توجد امكانيات جديدة.
والأمة الإسلامية حيث جاءت في آخر الزمان فقد انتهت إليها تجارب الأمم السابقة وامتازت عن سائر الأمم بحسب التفكير والتعقل، فيجوز بيان الأصول لها و إحالة الخصوصيات إلى تشخيص المتشرعين أنفسهم.
وطبع الشريعة الباقية الدائمة يقتضي بيان الأصول وإحالة الأشكال والقوالب و الخصوصيات إلى المتشرعة المطلعين على الحاجات والإمكانات والظروف.
وأصل الشورى قد ورد في الكتاب والسنة مؤكدا كما مر.