المسألة الخامسة إذا فرض وجود بعض الشرائط في بعض وبعضها في آخر ولم يوجد الواجد للجميع فما هو التكليف حينئذ؟
قال الماوردي في الأحكام السلطانية:
" ولو كان أحدهما أعلم والآخر أشجع روعي في الاختيار ما يوجبه حكم الوقت; فإن كانت الحاجة إلى فضل الشجاعة أدعى لانتشار الثغور وظهور البغاة كان الأشجع أحق. وإن كانت الحاجة إلى فضل العلم أدعى لسكون الدهماء وظهور أهل البدع كان الأعلم أحق. " ونحو ذلك في الأحكام السلطانية للقاضي أبي يعلى الفراء (1).
وقال ابن سينا في الشفاء:
" والمعول عليه الأعظم، العقل وحسن الإيالة، فمن كان متوسطا في الباقي و متقدما في هذين بعد أن لا يكون غريبا في البواقي وصائرا إلى أضدادها فهو أولى ممن يكون متقدما في البواقي ولا يكون بمنزلته في هذين، فيلزم أعلمهما أن يشارك أعقلهما ويعاضده، ويلزم أعقلهما أن يعتضد به ويرجع إليه; مثل ما فعل عمر وعلى - عليه السلام -. " (2) أقول: عندنا فيما ذكره ابن سينا من المثال نقاش; وقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام) على ما في نهج البلاغة: " والله ما معاوية بأدهى مني ولكنه يغدر ويفجر. ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس. " (3)