ونحن نعتقد ان الله - تعالى - من بدو نشأة الانسان وخلقه لم يخلهم من الأنبياء و الهداة إلى الله - تعالى - بل أول من خلقه منهم كان نبيا، فلعل الحكومة ومقرراتها بسذاجتها كانت من جملة البرامج التي أتى بها الأنبياء من ناحية الوحي حسب حاجة الانسان إليها في طبعه وذاته.
فمنشأ الدولة والحكومة في بادي الامر هو أمر الله ووحيه وان انحرفت بعد ذلك عن مسيرها الصحيح بتغلب الظالمين والطغاة. وفى الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:
" كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي، وانه لا نبي بعدي وستكون خلفاء فتكثر. " (1) 3 - أنحاء الحكومات الدارجة في البلاد:
الأولى: الملكية المطلقة الاستبدادية، وذلك بان يتسلط الفرد بالقهر والغلبة وبقوة العساكر والسلاح على البلاد والعباد، وينزل بمعارضيه أشد العقوبات، ولا يتقيد بقانون ولا ضابطة خاصة بل يجعل مال الله دولا وعباده خولا، يحكم فيهم بما يهوى ويريد، ويتصور كون السلطة ملكا طلقا له ولوارثه نسلا بعد نسل. وربما يبلغ هذا السلطان في استعلائه و استكباره حدا يسمي نفسه ظل الله في أرضه ومظهرا لقدرته وسلطنته، وقد يصل إلى حد يدعي الربوبية كما اتفق لفرعون وأمثاله.
وهذا القسم من الحكومة من أردأ أنواعها عند العقل والفطرة. وأحسن التعبير عن هذا النوع من الحكومة هو ما حكاه الله - تعالى - عن ملكة سبأ " قالت: ان الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة، وكذلك يفعلون. " (2) الثانية: الملكية المشروطة المستحدثة في الأعصار الأخيرة، بان تعتبر الملكية حقا ثابتا وراثيا ولكن الملك محدود مقيد، ويكون تدبير الأمور محولا إلى القوى الثلاث: