الخامسة عشرة ما في نهج البلاغة في آخر خطبة من خطبه: " الزموا الأرض واصبروا على البلاء، ولا تحركوا بأيديكم وسيوفكم في هوى ألسنتكم، ولا تستعجلوا بما لم يعجله الله لكم، فإنه من مات منكم على فراشه وهو على معرفة حق ربه وحق رسوله وأهل بيته مات شهيدا ووقع أجره على الله واستوجب ثواب ما نوى من صالح عمله وقامت النية مقام إصلاته لسيفه، وان لكل شيء مدة وأجلا. " (1) أقول: لا يخفى ان كلمات أمير المؤمنين (عليه السلام) وخطبه مليئة بالحث على الجهاد والتحريص عليه، وكفاك في ذلك الخطبة 27، وفيها قوله: " فقبحا لكم وترحا حين صرتم غرضا يرمى. يغار عليكم ولا تغيرون، وتغزون ولا تغزون، ويعصى الله وترضون. " (2) فلا محالة يختص كلامه هنا بمورد خاص وحالة خاصة، وقد مر ان الجهاد مثل سائر الأمور يتوقف على تهيئة المهمات والقوات ووضع البرنامج الصحيح، وأن الاستعجال فيه والوقوع تحت تأثير الأحاسيس الآنية مضر جدا، فأراد - عليه السلام - هنا بيان ذلك.
وفي شرح ابن أبى الحديد:
" وليس خطابه (عليه السلام) هذا تثبيطا لهم عن حرب أهل الشام، كيف وهو لا يزال يقرعهم و يوبخهم عن التقاعد والابطاء في ذلك، ولكن قوما من خاصته كانوا يطلعون على ما عند قوم من أهل الكوفة ويعرفون نفاقهم وفسادهم، ويرومون قتلهم