الفصل الخامس في الحج والمزار وأما الحج فلا شك في أن الجهات الاجتماعية والسياسية بل الاقتصادية منظورة في تشريعه جدا.
قال الله - تعالى -: " جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. " (1) قال الراغب في المفردات: " القيام والقوام اسم لما يقوم به الشئ. " (2) فمقتضى الآية أن الناس يتقومون في معاشهم ومعادهم بالكعبة، كما انهم يتقومون في حياتهم بالمال، كما قال الله - تعالى -: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما. " (3) فيعلم من ذلك أن الغرض من تشريع الحج ليس إتيان صورة الأعمال فقط. إذ كيف يكون مجرد ذلك مما يقوم به الناس؟! بل الغرض اجتماع المتمكنين من المسلمين و ذوى الطاقات منهم من البلاد والأصقاع المختلفة وتعارفهم وتفاهمهم ليتعاونوا و يتعاضدوا ويوجدوا بينهم العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها، فيكون الحج لهم مؤتمرا كبيرا عالميا في مركز الوحي والنبوة، وبمثل ذلك يقوم الناس والأمم.