على الشعب، فيكون الشعب في الحقيقة منشأ للتشريع والتنفيذ، والحاكم المنتخب يحقق أهواء الشعب وحاجاته كيف ما كانت. وربما يعد هذه أحسن أنحاء الحكومات الدارجة وأوفقها للفطرة لصلاحها مبدأ وغاية، فالمبدأ إرادة الشعب و آراؤه، والغاية تأمين حاجاته العامة.
أقول: هذا على فرض تحققها واقعا بان يكون الشعب مدركا رشيدا مختارا لا يقع تحت تأثير العوامل المضللة والأجواء والأهواء والوعود البراقة والدعايات الكاذبة الرائجة. ولكن يبعد جدا حصولها كذلك مأة بالمأة حتى في مثل الامم الراقية، حيث نرى فيها وقوع الشعب عملا تحت تأثير الوسائل الاعلامية المملوكة لأصحاب الثروات والشركات العظيمة الاقتصادية التي يكثر فيها الدعايات الكاذبة، فلا تتحقق حكومة الشعب حقيقة بل حكومة طبقة خاصة من المجتمع امتلكوا الثروات و المؤسسات ولا يهدفون إلا مصالح أنفسهم.
4 - الحكومة الاسلامية:
قد عرفت ضرورة الحكومة وحفظ النظام الاجتماعي للبشر، وأن الهرج والمرج الاجتماعي مما يدرك ضرره وقبحه كل عاقل من أي أمة أو ملة كان.
والمراجع للكتاب والسنة وفقه مذاهب الاسلام من الشيعة والسنة يظهر له بالبداهة ان دين الاسلام الذي جاء به النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) لم ينحصر أحكامه في أمور عبادية ومراسيم وآداب فردية فقط، بل هو جامع لجميع ما يحتاج اليه الانسان في مراحل حياته الفردية والعائلية والاجتماعية من المعارف والاخلاق والعبادات و المعاملات والسياسات والاقتصاد والعلاقات الداخلية والخارجية. فهو بنفسه نظام كامل يجمع الاقتصاد والسياسة أيضا.
والتتبع في أخبار الفريقين وفتاواهم في الأبواب المختلفة لفقه الاسلام يرشدنا إلى كون الحكومة وتنفيذ المقررات أيضا داخلة في نسج الاسلام ونظامه. فالاسلام بذاته دين ودولة، وعبادة واقتصاد وسياسة.