وعن حفص بن عون رفعه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " ساعة إمام عدل (عادل:
خ. ل) أفضل من عبادة سبعين سنة، وحد يقام لله في الأرض أفضل من مطر أربعين صباحا. " (1) إلى غير ذلك من الأخبار المروية في كتب الفريقين، فراجع.
وفي مقدمة ابن خلدون:
" واعلم ان الشرع لم يذم الملك لذاته ولا حظر القيام به، وإنما ذم المفاسد الناشئة عنه من القهر والظلم والتمتع باللذات، ولا شك ان في هذه مفاسد محظورة. " (2) الدليل الثاني:
ان النظام والحكومة امر ضروري للبشر، وان حياتهم في جميع مراحلها و أدوارها حتى في العصور الحجرية وفي الغابات لم تخل من قانون وحكومة ما، فإن الإنسان مدني بالطبع ولا تتم حياته ومعيشته إلا في ظل الاجتماع والتعاون والمبادلات، وله شهوات وغرائز وميول مختلفة من حب الذات والمال والجاه و الحرية المطلقة في جميع ما يريده ويهواه، ولا محالة يقع التزاحم والصراع و التضارب بين الأفكار والأهواء فلابد له من قوانين ومقررات، ومن قوة وقدرة نافذة محددة منفذة للمقررات حافظة للنظام ومانعة من التعدي والتكالب وحافظة للثغور والأطراف. ولا نعني بالحكومة والولاية إلا هذه. بل الحيوانات أيضا تحتاج إلى نحو من هذا النظم والقدرة، كما نشاهد ذلك في أنواع النمل والنحل ونحوهما.
ولو فرض محالا أو نادرا تحقق الرشد الأخلاقي والثقافة الكاملة في جميع أفراد البشر والتناصف والإيثار بينهم، فالاحتياج إلى نظام يدبر أمورهم الاجتماعية و يؤمن حاجاتهم من جلب الأرزاق وتأمين الأمور الصحية والتعليم والتربية