تنبيهان الأول - بحث حول تعدد الدولة:
قد عرفت أنه إذا تعدد الفقهاء الواجدون للشرائط في عصر واحد فالمحتملات فيه خمسة. وقد مر مقتضى جميعها.
فان قال قائل: أليس من الممكن أن يقيم حكم الله غير واحد من الفقهاء في عصر واحد، ولكن نطاق حكم كل واحد منهم عشيرة خاصة أو بلد خاص، فتوجد دويلات صغيرة كلها إسلامية يحكم فيها الإسلام وتوجد بينها العلاقات إن لزمت؟ بل يشكل جدا إجماع جميع المسلمين في عصر واحد على إمام واحد مع اتساع البلدان و تباعدها وتعدد القوميات وتباين المذاهب والعادات واللغات.
فهذا احتمال سادس في البين، وقد وقع نظيره في صدر الإسلام. فقد ذكر الطبري في وقائع سنة الأربعين ما هذا لفظه:
" وفي هذه السنة - فيما ذكر - جرت بين علي (عليه السلام) وبين معاوية المهادنة بعد مكاتبات جرت بينهما... كتب معاوية إلى على (عليه السلام): أما إذا شئت فلك العراق ولي الشام، وتكف السيف عن هذه الأمة ولا تهريق دماء المسلمين. ففعل ذلك وتراضيا على ذلك، فأقام معاوية بالشام بجنوده يجبيها وما حولها، وعلى بالعراق يجبيها و يقسمها بين جنوده. " (1) وأجاز هذا بعض الفقهاء في بعض الشرائط. فعن عبد القاهر البغدادي أنه