الآية السادسة:
قوله - تعالى - في سورة النساء: " يا أيها الذين آمنوا، أطيعوا الله وأطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم. " (1) قيل: " أفرد الأمر بطاعة الرسول للمبالغة ولدفع توهم انه لا يجب الالتزام بما ليس في القرآن من أوامره. " وقيل: " معناه أطيعوا الله في الفرائض وأطيعوا الرسول في السنن. " هذا.
ولكن الظاهر بقرينة عطف أولي الأمر على الرسول وعدم فصلهم عنه هو كون إطاعة الرسول وإطاعة أولي الأمر هنا من سنخ واحد. فيكون الأمر بإطاعة الله مرتبطا بأحكام الله المشرعة من قبله - تعالى -. والأمر بإطاعتها أمر إرشادي لا مولوي، وإلا لتسلسل الأوامر والمثوبات والعقوبات، كما حقق في محله.
وأما الأمر بإطاعة الرسول وأولى الأمر فيكون أمرا مولويا من الله - تعالى - متعلقا بإطاعتهم في الأوامر الصادرة عنهم بنحو المولوية بما انهم ولاة الأمر في الأمور الاجتماعية والسياسية والقضائية. وليس المراد إطاعتهم في مقام بيان أحكام الله - تعالى - لأنها ليست أمرا آخر وراء إطاعة الله، وأوامرهم - عليهم السلام - في هذا المجال إرشادية محضة، نظير أوامر الفقيه في هذا المجال كما مر. ولاجل ذلك كررت لفظة: " أطيعوا " وفصلت اطاعتهم عن إطاعة الله - تعالى -، وان كانت ولايتهم من قبل الله - تعالى - واطاعتهم أيضا نحو إطاعة له. هذا.
والمقصود بالأمر في الآية - على الظاهر - هو الحكومة وإدارة شؤون الأمة. و سميت به لقوامها بالأمر من طرف والإطاعة من طرف آخر.
وفى الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " ما ولت أمة قط أمرها رجلا وفيهم أعلم منه إلا لم يزل