لاشتماله على مطالب مهمة في الحكومة وليكون ختام كتابنا مسكا.
10 - طريقتنا في البحث وسيرتنا فيه:
اعلم أن الطريق الذي سلكناه في البحث في مسألة ولاية الفقيه يتفاوت مع ما سلكه الأعاظم المتعرضون لها; فإنهم يفرضون أولا ثبوت الولاية للفقيه الجامع للشرائط، ثم يتفحصون عما يمكن ان يستدل به لهذا المطلوب المفروض; فيذكرون مقبولة عمر بن حنظلة مثلا وغيرها من الأخبار ويتعبون أنفسهم في اثبات دلالتها ورد المناقشات الواردة عليها. ولو فرض قوة المناقشات وعدم القدرة على ردها، فلا محالة يتزلزل عندهم بنيان ولاية الفقيه.
وأما نحن فنثبت أولا ضرورة أصل الحكومة والدولة للمجتمع في جميع الأعصار وأن الحكومة والإمامة داخلة في نسج الاسلام ونظامه، وذلك بالتتبع في متون الكتاب والسنة القويمة وفقه الفريقين. وثانيا نذكر الشروط والمواصفات المعتبرة في الحاكم الإسلامي بحكم العقل والكتاب والسنة، ثم نلاحظ ان هذه الشروط و المواصفات لا تنطبق الا على الفقيه العادل الواجد للشرائط - كما سيأتي - فتثبت ولايته اجمالا وأنه المتعين لها قهرا، ثم نبحث في كيفية انعقاد الولاية وطرقه وأنها هل تنحصر في النصب من العالي فقط أو يثبت بالانتخاب أيضا ولكن في صورة عدم النصب; فان ثبت الدليل على نصب الفقيه فهو، وإلا وجب على الأمة انتخابه، ولا يجوز انتخاب غيره ولا تنعقد له الإمامة لفقد الشرائط المعتبرة.
فالطريق الذي سلكناه في المسألة يشبه طريق الفيلسوف في المسائل العقلية الدينية، كاثبات الصانع وصفاته. وطريق الأصحاب فيها يشبه طريق المتكلم في هذه المسائل، كما لا يخفى على أهله.
وقد أشرنا سابقا إلى أن البحث في جميع مسائل الحكومة وشؤونها بالتفصيل، و التعرض لكلمات الأعلام والمحققين من علماء الإسلام وعلماء الشرق والغرب في هذا المجال مما يحتاج إلى فراغ كثير لا يتيسر لي فعلا.
فالذي اهتممت به في هذا الكتاب هو التعرض لأصل ضرورة الحكومة في جميع