وقد ظهر لك أن مسألتنا هذه لم تكن من المسائل المتلقاة، ولذا لم تذكر في تلك الكتب، فلا يفيد فيها الإجماع وإن اعتمد عليه صاحب الجواهر وغيره. فاللازم الرجوع إلى الآيات والأخبار المستدل بها في المقام.
التنبيه على أمرين وينبغي التنبيه قبل ذلك على أمرين يمكن أن ينتفع بهما في المقام:
أما الأمر الأول فيتوقف بيانه على مقدمات:
تفاوت الرجل والمرأة:
الأولى: لا إشكال في تفاوت الرجل والمرأة في جهات وخصائص طبيعية ذاتية بحسب الجسم والروح، لا بمعنى أن يكون أحدهما أنقص من الآخر، بل بمعنى أن نظام الخلقة الرباني أوجد التفاوت لتحكيم نظام العائلة، حيث إن نظام الأسرة يحتاج إلى التدبير والى العواطف معا. فالتفاوت بينهما نظير تفاوت أعضاء الإنسان، كالعين و الأذن واليد والرجل ونحوها، المفوض إلى كل منها وظيفة خاصة مناسبة لبنائه. و لا ريب أن بعضا منها كالعين مثلا أظرف وألطف من الآخر، وليس هذا نقصا فيه. و لا يكون الإنسان موجودا كاملا إلا بجمع هذه الأعضاء وخواصها وأفعالها المختلفة.
والحاصل ان التفاوت بينهما يرجع إلى التناسب في نظام العائلة، لا إلى نقص و كمال. وقد خلقا كذلك ليحصل التماس والتعاون، وليجذب أحدهما الآخر ويلتذ من الكون معه والإيثار بالنسبة إليه. ولو كانا متماثلين في الجسم والغرائز لاستقل كل منهما وانفرد ولم ينتظم نظام الأسرة.