وبعده أيضا للأئمة من ولده، فما معنى نصب الفقهاء ولاة بالفعل مع وجوده و ظهوره؟ ولو قيل بعدم السلطة له بالفعل، قلنا إن الفقيه المنصوب من قبله أيضا كذلك.
والسائل سأل عن المرجع للمحاكمات في عصر الإمام الصادق (عليه السلام)، فلا مجال لأن يقال إن النصب منه (عليه السلام) كان لعصر الغيبة فإن السؤال على هذا يبقي بلا جواب ويصير المقام من قبيل استثناء المورد وهو قبيح.
نعم يعقل نصب القاضي للمخاصمات الواقعة بين الشيعة لعصر الإمام الصادق (عليه السلام) أيضا بعد عدم جواز الرجوع إلى قضاة الجور.
ومورد السؤال أيضا التخاصم، كما أن مورد نزول الآية المستشهد بها أيضا كان هو النزاع والتخاصم، كما مر.
والمجعول في خبر أبي خديجة بنقليه أيضا هو منصب القضاء.
والمرجع للأمور الحسبية وولاية الغيب والقصر والممتنع أيضا كان هم القضاة، كما هو المتعارف في عصرنا أيضا. وقد ذكر الماوردي وأبو يعلى أن نظر القاضي يشتمل على عشرة أحكام أحدها فصل الخصومات، فراجع (1).
وذكر السلطان في المقبولة ومشهورة أبي خديجة أيضا كان من جهة أن المرجع للقضاء في الأمور المهمة المعتنى بها كان هو شخص السلطان، مضافا إلى أن التنفيذ و الإجراء أيضا كان بقدرته وقوته، ولولاه لم يتمكن القضاة من تنفيذ أحكامهم.
اللهم إلا أن يجاب عن هذا الإشكال بأنه ليس المقصود الاستدلال بالمقبولة لجعل الولاية الكبرى للفقيه، بل الإمارة والعمل من قبل الإمام المعصوم، كما في العمال المنصوبين من قبل الخلفاء. نظير مالك الأشتر من قبل أمير المؤمنين (عليه السلام).
فيصح نصب الفقهاء لذلك في عصر الحضور وعصر الغيبة معا غاية الأمر كون تصرفاتهم في زمن عدم بسط اليد محدودة، فتأمل.