أقول: لو صح ما ذكروه من تعين النصب من الجهة العليا وانحصار الطريق فيه فبضرورة وجود الحكومة الحقة وعدم جواز إهمال الشارع لها في عصر من الأعصار يستكشف النصب قهرا، حتى وإن لم يوجد ما يدل عليه في مقام الإثبات أو نوقش في دلالة ما استدل به.
ولكن يمكن الخدشة في هذا المبنى لما سيأتي منا من إقامة أدلة كثيرة على صحة الانتخاب من قبل الأمة أيضا. غاية الأمر كونه في طول النصب وفي صورة عدم ثبوته، وقبل الانتخاب تثبت الصلاحية والشأنية فقط.
وإذا فرض تصحيح الشارع الحكيم للانتخاب أيضا صار الإمام المنتخب بشرائطه مثل الإمام المنصوب في وجوب طاعته وحرمة مخالفته.
وحينئذ فيجب البحث في دلالة ما ذكروه لنصب الفقيه في عصر الغيبة. فإن تمت دلالته على نصبه وولايته بالفعل فهو، وإلا وصلت النوبة إلى انتخاب الأمة قهرا، و قبل التعرض للأدلة التي استدلوا بها على النصب يجب الالتفات إلى أمرين:
الأمر الأول:
إن البحث في النصب العام إثباتا يتوقف على صحته في مقام الثبوت. ولكن قد يخدش في صحته ثبوتا بتقريب أنه لو وجد في عصر واحد فقهاء كثيرون واجدين للشرائط فالمحتملات فيه خمسة:
الأول: أن يكون المنصوب من قبل الأئمة (عليهم السلام) جميعهم بنحو العموم الاستغراقي، فيكون لكل واحد منهم بانفراده الولاية الفعلية وحق إعمالها مستقلا.
الثاني: أن يكون المنصوب الجميع كذلك، ولكن لا يجوز إعمال الولاية إلا