جدا، فتأمل.
وقد تحصل مما ذكرناه بطوله أن المقبولة، وكذا خبر أبي خديجة بنقليه كليهما في مقام نصب القاضي للشيعة الإمامية لرفع مشاكلهم في الأمور التي كانت ترتبط بالقضاة بعدما حرم عليهم الرجوع إلى قضاة الجور. فلا يصح الاستدلال بهما لإثبات الولاية المطلقة بالنصب.
فإن قلت: التعبير بالطاغوت والاستشهاد بالآية الشريفة لا يناسبان إرادة خصوص القضاء.
قلت: الرجوع إلى قضاة الجور والاعتناء بهم وبحكمهم كان في الحقيقة رجوعا إلى السلاطين. فإن القضاة كانوا من أذنابهم ومنصوبين من قبلهم، وقوتهم كانت بقوتهم. ألا ترى أن من رجع إلى أحد العمال في دولة واعتنى به بما أنه عامل هذه الدولة يصدق عليه أنه اعتنى بهذه الدولة وأمضى مشروعيتها. ومورد نزول الآية أيضا كان هو القضاء، كما مر.
فان قلت: استعمال حرف الاستعلاء في قوله: " عليكم " يناسب الولاية المطلقة، لما مر من أن المناسب للقضاء أن يقال: " بينكم ".
قلت: ليس استعمال حرف الاستعلاء في القضاء غلطا، إذ في القضاء أيضا يوجد نحو استيلاء واستعلاء. فإن القاضي المنصوب من قبل السلطان له علو وقدرة بقدرة من نصبه. والقاضي المنصوب من قبل الإمام الصادق (عليه السلام) أيضا له نحو قدرة معنوية لوجوب العمل بحكمه والتسليم له، فيصح استعمال حرف الاستعلاء على أي تقدير.