الرابع:
قيام سيد الشهداء - عليه السلام - وثورته على يزيد بن معاوية، مع أنه كان يحكم باسم الإسلام واسم خلافة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وربما كان يقيم شعائر الله من الصلاة والحج ونحوهما. والحسين الشهيد عندنا إمام معصوم، وعمله حجة شرعية كقوله، إذ الإمام إنما جعل إماما ليؤتم به ويهتدى بهداه، وقد بين هو (عليه السلام) أهدافه من ثورته في خطبه التي ألقاها في مسيره:
فروى الطبري في تاريخه وابن الأثير في الكامل أن الحسين (عليه السلام) خطب أصحابه و أصحاب الحر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: " أيها الناس، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله، ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل ولاقول كان حقا على الله أن يدخله مدخله. ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمان، وأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلوا حرام الله وحرموا حلاله، وأنا أحق من غير. " (1) وروى الطبري أيضا عنه (عليه السلام) في خطبة خطبها بذي حسم: " ألا ترون أن الحق لا يعمل به، وأن الباطل لا يتناهى عنه؟ ليرغب المؤمن في لقاء الله محقا; فإني لا أرى الموت إلا شهادة ولا الحياة مع الظالمين إلا برما. " (2) ورواه في تحف العقول أيضا إلا أنه قال:
" لا أرى الموت إلا سعادة " وزاد في آخره: " إن الناس عبيد الدنيا، والدين لعق على ألسنتهم: يحوطونه ما درت معايشهم، فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون. " (3) وهو - عليه السلام - من العترة، وعترة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أحد الثقلين، وقد أوصى