نظر فيما يرويه، فان كان هناك من طرق الموثوق بهم ما يخالفه، وجب إطراح خبره، وان لم يكن هناك ما يوجب إطراح خبره ويكون هناك ما يوافقه وجب العمل به.
وان لم يكن هناك من الفرقة المحقة خبر يوافق ذلك ولا يخالفه ولا يعرف لهم قول فيه وجب أيضا العمل به، لما روي عن الصادق (عليه السلام) انه قال: " إذا أنزلت بكم حادثة لا تجدون حكمها فيما روي عنا فانظروا إلى ما رووه عن على (عليه السلام) فاعملوا به. " ولاجل ما قلناه عملت الطائفة بما رواه حفص بن غياث وغياث بن كلوب ونوح بن دراج والسكوني وغيرهم من العامة عن أئمتنا - عليهم السلام - فيما لم ينكروه و لم يكن عندهم خلافه. " (1) هذا.
ونذكر في كل مسألة أولا الآيات الشريفة الدالة عليها، ثم الأخبار المروية عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من طرق الشيعة كانت أو من طرق السنة، ثم ما روي عن أبي الأئمة أمير المؤمنين (عليه السلام) ثم ما روي عن الأئمة من ولده (عليهم السلام). وربما يتفق التخلف عن هذا الترتيب لنكتة خاصة تظهر لمن تأمل. ولا أتعرض لتفسير الآيات وشرح الأحاديث إلا في بعض الموارد اللازمة حذرا من طول الكتاب. ولو كان لسان بعض الروايات شرح بعض الآيات المذكورة كان المناسب لا محالة تقديمه على غيره من الروايات فراعيت هذه النكتة أيضا. ومع ذلك كله فلا أدعي عدم النقص في الترتيب أو في بيان المطالب أو عدم الخطأ والاشتباه في الاستنباط من الأدلة، فان الانسان محل الخطأ و النسيان.
11 - أهمية فقه الدولة والمسائل العامة الاجتماعية:
واعلم أن البحوث الفقهية عند المسلمين من الشيعة والسنة قد طرأ عليها في العصور الأخيرة نقصان فاحشان: نقص في كميتها، حيث قلت الحوزات والمعاهد الإسلامية الدينية والفقهاء الحذاق في البلاد بسعي من الاستعمار وعملائه. ونقص في نوعيتها، حيث تركزت البحوث على مسائل العبادات والشؤون الشخصية وانحسرت عن الشؤون