الفصل الرابع من الباب الخامس فيما يمكن أن يستدل به لصحة انعقاد الإمامة بانتخاب الأمة وهي أمور:
الأمر الأول:
حكم العقل الذي هو أم الحجج، فإنه يحكم بالبداهة بقبح الفوضى والهرج والفتنة، ووجوب إقامة النظام وحفظ المصالح العامة الاجتماعية، وبسط المعروف ورفع الظلم والفساد، والدفاع عن المجتمع في قبال الهجمات والإغارات. ولا يحصل ذلك كله إلا تحت ظل دولة صالحة عادلة نافذة ذات شوكة وقدرة تحقق كيانهم. ولا تستقر الدولة إلا بخضوع الأمة في قبالها والإطاعة لها، فيجب تحقيق جميع ذلك بحكم العقل. وكل ما حكم به العقل حكم به الشرع، كما قرر في محله.
والدولة لا تخلوا من أن توجد بالنصب من قبل الله - تعالى - مالك الملوك والأمة، أو بقهر قاهر على الأمة، أو بالانتخاب من قبلها.
فإن تحققت بالنصب فلا كلام لما قدمناه وبيناه مرارا من تقدمه على الانتخاب، ولكن المفروض في المقام عدمه أو عدم ثبوته بالأدلة.
والثاني ظلم على الأمة يحكم العقل بقبحه، فإنه خلاف سلطنة الناس على أموالهم ونفوسهم، ولا يحكم العقل أيضا بوجوب الخضوع والإطاعة له.