لا يقال: يحتمل أن يراد بالآية، الشورى في إجراء الأمر وتنفيذه لا في أصل عقده كما هو المراد قطعا في قوله - تعالى - مخاطبا لنبيه: " وشاورهم في الأمر، فإذا عزمت فتوكل على الله. " (1) إذ الولاية في عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت له قطعا وكان هو بنفسه واليا على المسلمين بجعل الله - تعالى - ولكن الله أمره بالمشاورة معهم في تنفيذ الأمور و إجرائها إكراما لهم ولكونها أبعث لهم في مرحلة الإطاعة والعمل.
فإنه يقال: إطلاق الآية يقتضي مطلوبية الشورى ونفاذها في أصل الولاية وفي فروعها وإجرائها. والعلم بالمقصود في الآية الأخرى المخاطب بها شخص النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يوجب رفع اليد عن الإطلاق في هذه الآية.
نعم، يبقي الإشكال في كيفية إجراء الشورى والجواب عن الاعتراضات التي أوردوها في المقام. وسيأتي التعرض لها في فصل مستقل، فانتظر.
الأمر السادس:
الآيات والروايات المتضمنة للتكاليف الاجتماعية التي لوحظ فيها مصالح المجتمع الإسلامي بما هو مجتمع وخوطب بها الأمة مع توقف تنفيذها على القدرة و بسط اليد.
فإن المجتمع بما أنه مجتمع وإن لم يكن له بالنظر الدقي الفلسفي وجود واقعي وراء وجودات الأفراد ولكنه عند علماء الاجتماع يتمتع بواقعية عرفية عقلائية. ويعتبر له في قبال الفرد وجود، وعدم، وحياة، وموت، ورقي، وانحطاط، وحقوق وواجبات.
وقد اعتنى القرآن الكريم بتواريخ الأمم كاعتنائه بقصص الأشخاص. والشريعة الإسلامية كما أوجبت على الفرد في حياته الفردية واجبات عبادية وغيرها فكذلك