ومتى مات المستأجر أو المؤجر بطلت الإجارة عند بعض أصحابنا وانقطعت في الحال.
وقال آخرون من أصحابنا: إنها تبطل بموت المستأجر ولا تبطل بموت المؤجر. وقال الأكثرون المحصلون: لا تبطل الإجارة بموت المؤجر ولا بموت المستأجر.
وهو الذي يقوى في نفسي وأفتى به، لأنه الذي يقتضيه أصول المذهب والأدلة القاهرة عقلا وسمعا، فالعقل أن المنفعة حق من حقوق المستأجر على المؤجر فلا يبطل بموته، وإذا كان حقا من حقوق الميت فإنه يرثه وارثه لعموم آيات المواريث ومن أخرج شيئا منها فعليه الدليل وهو تصرف في مال الغير - أعني المنفعة - فلا يجوز التصرف في ذلك إلا بإذن صاحب المنفعة والسمع فقوله تعالى: أوفوا بالعقود، وهذا عقد يجب الوفاء به فمن فسخه وأبطله يحتاج إلى دليل ولن يجده، فإن ادعى إجماعا فقد بينا أن أصحابنا مختلفون في ذلك لا مجمعون، فإذا لم يكن إجماع ولا كتاب ولا سنة متواترة ولا دليل عقل فبأي شئ ينفسخ هذا العقد؟ بل الكتاب قاض بصحة هذا العقد ودليل العقل حاكم به، وما اخترناه مذهب السيد المرتضى وخيرته في الناصريات في المسألة المائتين، ومذهب أبي الصلاح الحلبي في كتابه كتاب الكافي وهو كتاب حسن فيه تحقيق مواضع وكان هذا المصنف من جلة أصحابنا الحلبيين من تلامذة المرتضى رضي الله عنهما، والأول مذهب شيخنا أبي جعفر وخيرته مع قوله في مبسوطه: إن أكثر أصحابنا يذهب إلى أن موت المؤجر لا يبطلها، واستدل على صحة ما اختاره في مسائل خلافه بأشياء يرغب عن ذكرها ونقضها سترا على قائلها وما المعصوم إلا من عصمه الله سبحانه.
ومال الإجارة لازم وإن هلكت الغلة بالآفات السماوية.
ومن زارع أرضا أو ساقاها على ثلث أو ربع أو غير ذلك وبلغت الغلة جاز لصاحب الأرض أن يخرص عليه الغلة والثمرة، فإن رضي المزارع والمساقي بما خرص أخذها وكان عليه حصة صاحب الأرض سواء نقص الخرص أو زاد وكان له الباقي، كما فعل عامل الرسول ع بأهل خيبر وهو عبد الله بن رواحة الأنصاري الخزرجي رحمه الله، فإن هلكت الغلة والثمرة قبل جذاذها وحصادها بآفة سماوية لم يلزم العامل الذي هو الأكار شئ لصاحب الأرض.