ذلك لقوله ع: المؤمنون عند شروطهم.
ولو زارع ببعض الخارج من الأرض والبذر من مالكها والعمل والحفظ من المزارع جاز، وكذا لو شرط على العامل في حال العقد ما يجب على رب المال أو بعضه، أو شرط على رب المال ما يجب على العامل الذي هو الأكار المزارع أو بعضه كإنشاء الأنهار وإصلاح السواقي.
فأما الزكاة فإن بلغ نصيب كل واحد منهم ما يجب فيه الزكاة وجب عليه لأنه شريك مالك سواء كان البذر منه أو لم يكن، وليس ما يأخذ به المزارع الذي منه العمل دون البذر أجرة ولا كالأجرة.
وقال بعض أصحابنا المتأخرين في تصنيف له: كل من كان البذر منه وجب عليه الزكاة ولا تجب الزكاة على من لا يكون البذر منه، قال: لأن ما يأخذه كالأجرة.
والقائل بهذا هو السيد العلوي أبو المكارم بن زهرة الحلبي رحمه الله، شاهدته ورأيته وكاتبته وكاتبني وعرفته ما ذكره في تصنيفه من الخطأ، فاعتذر رحمه الله بأعذار غير واضحة وأبان بها أنه ثقل عليه الرد، ولعمري إن الحق ثقيل كله، ومن جملة معاذيره ومعارضاته لي في جوابه: إن المزارع مثل الغاصب للحب إذا زرعه فإن الزكاة تجب على رب الحب دون الغاصب، وهذا من أقبح المعارضات وأعجب التشبيهات، وإنما كانت مشورتي عليه أن يطالع تصنيفه وينظر في المسألة ويغيرها قبل موته لئلا يستدرك عليه مستدرك بعد موته فيكون هو المستدرك على نفسه، فعلت ذلك - علم الله - شفقة وسترة عليه ونصيحة له لأن هذا خلاف مذهب أهل البيت عليهم السلام.
وشيخنا أبو جعفر قد حقق المسألة في مواضع عدة من كتبه وقال: الثمرة والزرع نما على ملكيهما فيجب على كل واحد منهما الزكاة إذا بلغ نصيبه مقدار ما يجب فيه ذلك. وإنما السيد أبو المكارم رحمه الله نظر إلى ما ذكره شيخنا من مذهب أبي حنيفة في مبسوطه فظن أنه مذهبنا فنقله في كتابه على غير بصيرة ولا تحقيق، وعرفته أن ذلك مذهب أبي حنيفة ذكر شيخنا أبو جعفر في مبسوطه لما شرح أحكام المزارعة ثم عقب بمذهبنا، وأو مات له إلى المواضع التي حققها شيخنا أبو جعفر في كتاب القراض وغيره، فما رجع ولا غيرها في كتابه ومات رحمه الله وهو على ما قاله، تداركه