فقال الزارع: أعرتنيها. فهذه المسائل جميع ما ذكره في كتاب المزارعة ولعمري إن الزراعة عند الشرعيين غير الإجارة، وكان الأولى والأحق أن يذكر جميع المسائل في كتاب الإجارة إلا مسألة واحدة وهي الأولة.
وقال في نهايته: لا بأس بالمزارعة بالثلث أو الربع أو أقل أو أكثر، ثم قال: ويكره أن يزارع الانسان بالحنطة والشعير والتمر والزبيب وليس ذلك بمحظور، ثم قال رحمه الله: فإن زارع بشئ من ذلك فليجعله من غير ما يخرج من تلك الأرض مما يزرعه في المستقبل بل يجعل ذلك في ذمة المزارع، ثم قال: لا بأس بأن يؤاجر الأرض بالدراهم والدنانير.
قال محمد بن إدريس: جميع ما ذكره شيخنا رحمه الله وحكيناه عنه في نهايته ليس ذلك بمزارعة إلا مسألة واحدة وهي الأولة وما عداها إجارة وليس بمزارعة، ولا حاجة به إلى ذكر ذلك في كتاب المزارعة وبابها بل موضع ذلك باب الإجارة.
ثم قال: فإن زارع الأرض على أن يكون المزارع يتولى زراعتها بنفسه لم يجز له أن يعطيها لغيره، وكذلك إن شرط عليه أن يزرع شيئا بعينه لم يجز له خلافه، ولا بأس أن يشارك المزارع غيره ولم يكن لصاحب الأرض خلافه، وهذا جميعه حسن ذكره في باب المزارعة على ما قدمنا.
ثم قال: ومن آجر غيره أرضا كان للمستأجر أن يقيم في الأرض من ينوب عنه ويقوم مقامه، ثم قال: ومن استأجر أرضا بالنصف أو الثلث أو الربع جاز له أن يؤجرها غيره بأكثر من ذلك وأقل.
قال محمد بن إدريس: هذا غير مستقيم والإجارة هاهنا باطلة لأن الأجرة تحتاج أن تكون مضمونة في ذمة المستأجر والثلث والربع المذكور غير مضمون، وربما لم تخرج الأرض شيئا وهذا غرر عظيم منهي عنه، والنهي يدل على فساد المنهي عنه.
ثم قال: وإن استأجرها بالدراهم والدنانير لم يجز له أن يؤجرها بأكثر من ذلك إلا أن يحدث فيها حدثا من حفر نهر أو كري ساقية وما أشبه ذلك.
والذي يقوى في نفسي أنه يجوز له أن يؤجرها بأكثر من ذلك الجنس الذي استأجرها به وإن لم يحدث فيها حدثا لأن منافعها صارت مستحقة له يفعل فيها ما شاء ويؤجرها لمن شاء بما شاء