أقول: إن من جملة ما تمسك به للقول الأول كما تقدم هو أن الفرار بمنزلة الرجوع عن الاقرار ومعلوم أنه مع الرجوع لا يرجم وذلك لأن من هيأ نفسه للتطهير عن المعصية بسبب الرجم فلو كان باقيا على اقراره فهو لا يفر طبعا عن الحفيرة بل يقوم ويثبت حتى يجرى حد الله تعالى عليه كي يتطهر من دنس المعصية.
فناقش رحمة الله عليه في ذلك بأن كون الفرار بمنزلة الرجوع في اسقاط الرجم عنه غير معلوم.
وما أفاده في محله وذلك لأنه يمكن أن يكون فراره للألم الشديد الذي لا يتحمله فعلا مع أنه قد أعد نفسه لتحمله فليس هربه في معنى الرجوع.
وناقش في الاستدلال باطلاق المرسل باحتمال اختصاصه بصورة الفرار بعد الإصابة كما هو الظاهر في فرار من أقر على نفسه.
أقول: إن هذه المناقشة لا تخلو عن كلام وذلك لأنه لا وجه لرفع اليد عن ظاهره الذي هو الاطلاق وإلا فكل المطلقات يمكن أن تحمل على شئ مثل ذلك.
نعم لو كانت خصوصية اقتضت صرف المطلق عن اطلاقه لكان يتم ما ذكره وهو رحمة الله وإن ادعى وجود هذه الخصوصية في المقام حيث تمسك بما هو الظاهر من فرار من أقر على نفسه لكنها ليست بهذه المثابة أي بحيث يوجب صرف الاطلاق فلربما يفر ولم يصبه شئ من الحجارة أصلا فهذا لا ينفع إلا لمن جزم بقرينية هذه الجهة فهو يقول بأن المراد من المرسل هو ما إذا أصابته الحجارة.
ثم تعرض للتعليل الوارد في قصة ماعز حيث اعترض رسول الله (صلى الله عليه وآله) على أنهم لحقوا ماعز وقتلوه بعد أن فر من الحفيرة قائلا: فإنما هو الذي أقر على نفسه،، فإن الظاهر منه أن الفرار هو الذي يوجب أن يترك بعد أن فر وهرب.
فرد رحمة الله عليه بأن هذا التعليل وارد في صورة الإصابة فلا يشمل غيرها وهو ما إذا هرب بلا إصابة. فقال: وإن كان العبرة بالعموم دون المورد