إذا زنى من غير احصان يجز شعره، وحيث إن بينه وبين من لم يتزوج أصلا فرقا واضحا وذلك لأن من تزوج وعقد على امرأة ولم يدخل بها يمكنه في كل آن أن يتمتع بها ويدفع بذلك شهوته في حين إن من لم يعقد على امرأة لا يتيسر له ذلك فربما يكون عقوبة الزنا في حقه أقل وأسهل فلذا لا يحصل القطع بتنقيح المناط حتى يحكم بذلك في كل زان غير محصن سواء أملك أم لا وخصوصا أن الحدود تدرء بالشبهات.
لكن المحقق وجماعة عمموا الحكم لكل زان غير محصن وإن لم يكن مملكا ونسبه في المسالك إلى أكثر المتأخرين وفي الجواهر بعد عبارة المحقق المذكورة آنفا قال: مملكا كان أو غير مملك وفاقا لظاهر المحكى عن العماني والإسكافي والحلبي وصريح المحكى عن المبسوط والخلاف والسرائر الخ.
وأما الحكم الثالث أعني النفي عن البلد واخراجه منه ففي وجوبه واستحبابه كلام، وذلك لاستشمام الاستحباب من بعض الروايات. لكن المشهور هو الحكم بالوجوب بل المستفاد من بعض العبائر الاجماع على ذلك بل صرح بذلك في الخلاف وإليك عبارته: البكر عبارة عن غير المحصن فإذا زنى البكر جلد مأة وغرب عاما كل واحد منهما حد، إن كان ذكرا، وإن كان أنثى لم يكن عليها تغريب وبه قال مالك وقال قوم: هما سواء ذهب إليه الأوزاعي والثوري وابن أبي ليلى وأحمد والشافعي، وقال أبو حنيفة: الحد هو الجلد فقط، والتغريب ليس بحد وإنما هو تعزير إلى اجتهاد الإمام وليس بمقدر، فإن رأى الحبس فعل وإن رأى التغريب إلى بلد آخر فعل من غير تقدير، وسواء كان ذكرا أو أنثى، دليلنا اجماع الفرقة وأخبارهم وأيضا الأصل براءة الذمة في المرأة فمن أوجب عليها التغريب فعليه الدليل، والجلد لا خلاف أنه عليها إلى أن قال: وأما الدليل على أنهما حدان ظاهر الأخبار وأن النبي صلى الله عليه وآله فعل ذلك وأمر به فمن حمل ذلك على التعزير أو جعله إلى اجتهاد الإمام فعليه الدليل