فأما دفعة واحدة فلا يثبت به على حال وبه قال أبو حنيفة، وقال الشافعي: إذا أقر دفعة واحدة لزمه الحد بكرا كان أو ثيبا وبه قال في الصحابة أبو بكر وعمر، وفي الفقهاء حماد بن أبي سليمان ومالك وقال ابن أبي ليلا لا يثبت إلا بأن يعترف أربع مرات سواء كان في أربع مجالس أو مجلس واحد دليلنا اجماع الفرقة وأخبارهم وأيضا الأصل براءة الذمة وإذا أقر أربع مرات على ما بيناه لزمه الحد بلا خلاف ولا دليل على استحقاقه باقراره مرة واحدة وروي عن ابن عباس أن ماعزا أقر عند النبي مرتين فأعرض ثم أقر مرتين فأمر برجمه وروي أن أبا بكر قال لماعز: إن أقررت أربع مرات رجمك رسول الله (1).
وقال الشهيد الثاني في المسالك: اتفق الأصحاب إلا من شذ على أن الزنا لا يثبت على المقر به على وجه يثبت به الحد إلا أن يقر به أربع مرات ويظهر من ابن أبي عقيل الاكتفاء بمرة وهو قول أكثر العامة ومنهم من اعتبر الأربع كالمشهور عندنا لنا.. الخ.
وفي الجواهر بلا خلاف معتد به أجده عندنا ولا ريب في ضعفه الخ.
وعلى الجملة فلم ينقل الخلاف عن سوى العماني بل مذهبهم على اشتراط الأربع مع أن سيرة العقلاء على قبول اقرار المقر بذلك بلا حاجة إلى تكراره بل وربما يحصل القطع من قوله واقراره بخلاف باب البينة فإنه ربما لا يحصل العلم حتى بالثلاثة بل وبالأربعة.
ففي الاقرار بشئ لا يتعقبه مال أو جاه بل جاء المقر وأقر بما يوجب الجلد أو الرجم وهيأ نفسه لذلك ويستدعي ويلتمس أن يقام عليه الحد كي يتطهر، ويقول: إن عذاب الدنيا أيسر من عذاب الآخرة الذي لا ينقطع - كما سترى ذلك في بعض الروايات - فإنه يحصل للانسان القطع بقوله واقراره ولو مرة واحدة لأنه لا داعي له إلى اقراره سوى صدقه وخوفه من الله سبحانه وطهارة نفسه من تبعات ما اقترفه، في الآخرة فإن هذا الاقرار بلحاظ ما يترتب عليه لا يقع