وأما الطائفة الثانية: فهي نظير خبر عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله الصادق (ع) قال: ((سئل وأنا حاضر عن رجل أحيى أرضا مواتا فكري فيها نهرا، وبنى فيها بيوتا، وغرس نخلا وشجرا. فقال: هي له، وله أجر بيوتها، وعليه فيها العشر (أي الزكاة) (1) فان اقتصاده على ذكر الزكاة في مقام تحديد ما عليه، كالصريح في نفي الخراج، وانقطاع صلة الإمام برقبة الأرض. ولابد للمعارضة بين هاتين الطائفتين، وبين الطائفة المشار إليها في المتن، الدالة على بقاء الأرض على ملكية الإمام بعد الإحياء.. من علاج.
قد يقال: إن هذه الطائفة مما لا محصل لها بعد استقرار السيرة القطعية على عدم إعطاء المحيي للخراج، منذ زمان الأئمة إلى زماننا هذا، كما لا معنى لحملها على زمان ظهور الحدة، فلا بد من رفع اليد عنها.
ونجيب على ذلك بمنع جدوى السيرة المشار إليها لأنه إن أريد سيرة المتعبدين بنصوص أهل البيت، فلعل عدم إعطائهم للأجرة بلحاظ أخبار التحليل لا باعتبار انقطاع صلة الأرض بالإمام رأسا بعد الاحياء. وان أريد سيرة غيرهم من المسلمين، فإن ذلك لأجل مشيهم على أساس فقهي آخر.
وقد يقال: إن هذه الطائفة - الدالة على بقاء ملكية الإمام - قد اعرض عنها الأصحاب، فتسقط عن الحجية.
الجواب أولا: أن العارض الجميع غير ثابت وتسالم الجميع على عدم وجوب الطسق بالفعل لجل أخبار التحليل، لا يدل على العارض الجميع عن مفادها.
وثانيا: أنه لو سلم إعراضهم عن مفادها فلعله لإعمال قواعد باب التعارض وترجيح المعارض، لا لخلل خاص فيها.
وعلى هذا فلابد من حل للتعارض، ويتصور لذلك وجوه:
الأول: حمل الطائفة الآمرة بالخراج على الاستحباب، جمعا بينها وبين ما هو كالصريح في عدم وجوبه.