وعلى هذا الضوء نعرف، أن الرأي الفقهي المشهور القائل بالملكية، إنما يجب الأخذ به، إذا دعمه دليل لبي، من إجماع تعبدي أو سيرة عقلائية، تتوفر فيها الشروط التي أوضحناها في بحث سابق من هذا الكتاب. وأما إذا لم يدعم بشيء من هذا القبلي، فلا يوجد في أدلته الخاصة ما يبرر الأخذ به.
- 8 - بحث في تملك الفرد للعين التي يستنبطها ما مر في هذا الكتاب، من أن الفرد إذا استنبط عينا بالحفر لا يملكها.. كان يقوم على أساس وجه يخالف الرأي المشهور القائل، بأنه يملكها، ويختص بها اختصاصا ملكيا، لا حقا فحسب (1).
وهذا الرأي المشهور، يجب الأخذ به إذا تم اجماع تعبدي عليه. وإذا لم يتم كذلك، فبالإمكان فقهيا المناقشة في الأدلة، التي سيقت لإثباته وهي متعددة كما يلي:
(أ) - أن العين نماء ملكه، فالإنسان إذا حفر أرضا فاكتشف فيها عينا، كانت العين ملكا له شرعا، لأنها نماء الأرض، وما دامت الأرض له، فيكون نماؤها له أيضا.
والجواب: ان عين الماء لا تعتبر من نماء الأرض، وإنما هي ثروة موجودة فيها، فالعلاقة بينهما علاقة المظروف والظرف، فلا تقاس بالثمرة الطبيعية، التي دلت القواعد الشعرية على تملكها، تعبها لملكية أصلها، كالبيضة بالإضافة إلى الدجاجة، والزرع بالإضافة إلى البذر.
(ب) - فحوى النصوص: الدالة على جواز بيع الشرب، كرواية سعيد الأعرج، التي أجاز فيها الإمام بيع القناة (2). ولو لم تكن ملكا لما جاز بيعها.