حكم الأنفال. نعتقد أن إحياء الكافر للأرض يورثه حقا فيها كالمسلم وإن ظلت رقبة الأرض ملكا للإمام، وفقا للنص القائل: من أحيى أرضا فهو أحق بها، دون تمييز بين المسلمين وغيره.
وعلى هذا الضوء يصبح فتح المسلمين للأرض سببا في انتقال هذا الحق من الكافر إلى الأمة، فتكون الأرض حقا عاما للمسلمين، ورقبتها تظل ملكا للإمام، ولا تعارض بين الأمرين.
وأما إذا أخذنا بالفرضية الثانية في تفسير نصوص الغنيمة فسوف تكون هذه النصوص شاملة للأرض التي يغنمها المسلمون من الكافر، ولو لم تكن ملكا أو حقا للكافر قبل الفتح، لأن أساس تملك المسلمين على هذا الضوء، وهو انتزاع المال من سيطرة الكافر خارجا، وهذا حاصل.
وسوف يؤدي بنا هذا أن إلى مواجهة التعارض بين إطلاق نصوص الغنيمة، وإطلاق دليل ملكية الإمام، لأن الأرض التي أحياها الكافر بعد تشريع حكم الأنفال ثم فتحها المسلمون، تعتبر - بوصفها مالا منتزعا من الكافر بالفتح - مندرجة في نصوص الغنيمة، وبالتالي ملكا عاما للمسلمين وتعتبر - بوصفها أرضا ميتة حين تشريع حكم الأنفال - مندرجة في دليل ملكية الإمام للأرض الميتة وبالتالي ملكا له.
ومن الضروري - فقهيا - في أمثال هذه الحالة، التدقيق في تحديد ما هو القدر الذي مني بالمعارضة من مدلول النصوص، لنتوقف عن الأخذ به نتيجة للتعارض، مع الأخذ بسائر الأجزاء المدلول.
ونحن إذا لاحظنا المعارضة هنا، وجدنا أن نقطة ارتكازها هي اللام في قولهم: ((كل أرض ميتة للإمام)) وقولهم - مثلا -: ما أخذ بالسيف للمسلمين واللام بطبيعتها لا تدل على الملكية، بلى على الاختصاص، وإنما تدل على الملكية بالاطلاق. وهذا يعني أن التعارض بن إطلاقي اللامين، لأنهما تؤديان إلى ملكيتين مختلفتين، فيسقط الاطلاقان، وتبقى الدلالة على أصل الاختصاص ثابتة، إذ لا مانع من افتراض