((أن علاقات الإنتاج، تحدد جميع العلاقات الأخرى التي توحد بين الناس في حياتهم الاجتماعية. وأما علاقات الإنتاج فيحددها وضع القوى المنتجة)) (1).
فالقوى المنتجة هي التي تخلق الوضع الاقتصادي، وتطوره تبعا لتطورها، والوضع الاقتصادي هو الأساس العام لهيكل البناء الاجتماعي، وما فيه من ظواهر وأوضاع، هذه هي الوجهة العامة للمادية التاريخية.
وتتردد في أوساط الكتاب المناهضين للأفكار الماركسية مناقشتان للماركسية التاريخية، بوصفها نظرة عامة عن التاريخ:
الأولى: إن التاريخ إذا كان محكوما للعامل الاقتصادي، وللقوى المنتجة، وفقا لقوانين طبيعية تسير به من الإقطاع إلى الرأسمالية مثلا، ومنها إلى الاشتراكية، فلماذا تبذل هذه الجهود الجبارة من الماركسيين، في سبيل تكتيل أكبر عدد ممكن، لشن ثورة فاصلة على الرأسمالية؟ ولم لا يدع الماركسيون قوانين التاريخ تعمل، فتكفيهم هذه المهمة الشاقة؟!.
الثانية: أن كل إنسان يحس - بالضرورة - ان له دوافع أخرى، لا تمت إلى الطابع الاقتصادي بصلة، بل قد يضحي في سبيلها بمصالحة الاقتصادية وبحياته كلها في بعض الأحايين، فكيف يعتبر العامل الاقتصادي هو المحرك للتاريخ؟!.
ومن حق البحث العلمي الموضوعي، أن نسجل رأينا في هاتين المناقشتين بوضوح. فهما تعبران عن عدم استيعاب المفهوم الماركسي للتاريخ، أكثر مما تعبران عن خطأ المفهوم نفسه.
ففيما يتصل بالمناقشة الأولى، يجب أن نعرف موقف الماركسية من الثورة. فإنها لا تعتبر الثورة والجهود التمهيدية التي تبذل في سبيلها، شيئا منفصلا عن قوانين التاريخ، بل هي جزء من تلك القوانين، التي يجب - علميا - أن توجد كي ينتقل التاريخ من مرحلة إلى مرحلة أخرى. فالثوريون حين يتجمعون في سبيل الثورة، إنما