في حياته، ولم تنشأ في حياة أي كائن حي آخر؟.
نحن نعلم من عقيدة الماركسية، أنها تؤمن بالإنتاج قاعدة رئيسية للمجتمع يقوم على أساسها الوضع الاقتصادي، وتبتني على الوضع الاقتصادي كل الأوضاع الأخرى. ولكنها لم تكلف نفسها أن تقف قليلا عند الإنتاج نفسه، لتفسر: كيف وجد الإنتاج في حياة الانسان؟. فإذا كان الإنتاج يصلح لتفسير وجوده ونشوئه؟.
إن بالإمكان الجواب على ذلك، إذ عرفنا ما هو الإنتاج: إن الإنتاج - كما تعرفه لنا الماركسية - عملية كفاح ضد الطبيعة، يشترك فيها مجموعة من الناس، لإنتاج حاجاتهم المادية، وتقوم على أساسها كل العلاقات. فهي إذن عملية يقوم بها عدد من الناس، لتغيير الطبيعة، وجعلها بالشكل الذي يوافق حاجاتهم ويشبع رغباتهم.
وعملية تغيير كهذا، يقوم بها عدد من الناس، لا يمكن أن توجد تاريخيا، ما لم تسبقها شروط معينة، يمكن تلخيصيا في أمرين جوهريين.
إحداهما: (الفكر)، فإن الكائن الحي لا يستطيع أن يغير من شكل الطبيعة بقصد إشباع حاجاته، فيجعل الحنطة دقيقا، أو الدقيق خبزا.. ما لم يكن يملك فكرا عن الشكل الذي سوف يمنحه للطبيعة، فعملية التغيير لا يمكن أن تنفصل بحال، عن التفكير فيما ستتمخض عنه العملية من أشكال وأوضاع للطبيعة لا تزال في ابتداء العمل غيبية. ولأجل هذا لم يكن من الممكن للحيوان، أن يقوم بعملية إنتاج، عملية تغيير حاسم للطبيعة.
والأمر الآخر: هو، اللغة بوصفها المظهر للفكر، الذي يتيح للمشتركين في عملية الإنتاج أن يتفاهموا، ويتخذوا موقفا موحدا خلال العملية فما لم يملك كل منتج أداة التعبير عن فكره، وتفهم أفكار شركائه في العمل لا يستطيع أن ينتج.