واقعهم السيء، وظروفهم الاقتصادية، كما تزعم الماركسية في طريقتها الثانية في التفسير.. فكيف يمكن أن نفسر وجود العقيدة الدينية، منفصلة عن الواقع السيء، وظروف الاضطهاد الاقتصادي؟!. وكيف أمكن لغير المضطهدة، إيديولوجيتها التي نبعت من واقعها الاقتصادي، ودينها الذي تبشر به؟!.
إن الماركسية لا يمكنها أن تنكر وجود العقيدة الدينية، عند أشخاص لا يمتون إلى ظروف الاضطهاد الاقتصادي بصلة، وصلابة العقيدة في نفوس بعضهم، إلى درجة تدفعهم إلى التضحية الاقتصادي بصلة، وصلابة العقيدة في نفوس بعضهم، إلى درجة تدفعهم إلى التضحية بنفوسهم في سبيلها. وهذا من واقعه الاقتصادي، لأن الفكرة الدينية عند أولئك الأشخاص، لم تكن تعبيرا عن بؤسهم، وتنفيسا عن شقائهم، وبالتالي لم تكن انعكاسا لظروفهم الاقتصادية، وإنما كانت عقيدة تجاوبت مع شروطهم النفسية والعقلية، فآمنوا بها على أساس فكري.
ولا تكتفي الماركسية بتفسير الدين تفسيرا طبقيا اقتصاديا، بل تذهب إلى أكثر من هذا، فتحاول ان تفسر تطوره على أساس اقتصادي أيضا. فكل شعب حين تطورت ظروفه الاقتصادية، وأتاحت له إقامة مجتمع قومي مستقل، كانت الآلهة التي يعبدها قومه آلهة قومية، لا تتجاوز سلطتها حدود الأراضي القومية المدعوة إلى حمايتها. وبعد أن تلاشت قوميات هذه الشعوب، بالاندماج في إمبراطورية عالمية، هي الإمبراطورية الرومانية، ظهرت الحاجة إلى دين عالمي أيضا. وكان هذا الدين العالمي، هو المسيحية، التي أصبحت دينا رسميا للدولة، بعد مرور (250) عاما على نشأتها. وتكيفت المسيحية بعد ذلك بالظروف الاقطاعية، وحين بدأت تتعارض بشكلها الكاثوليكي، مع القوى البورجوازية المتنامية، ظهرت حركة الاصلاح الديني البروتستانتية (1).
ونلاحظ في هذا المجال، أن المسيحية أو البروتستانتية، لو كانت تعبيرا عن الحاجات الموضوعية المادية، التي تشير إليها الماركسية، لكان من الطبيعي أن تولد (1) راجع (لودفيج فيورباخ) ص 103 - 105.