القوى المعارضة تنظيما وتكتلا، وأقواها وحدة من الناحية الفكرية القيادية، وكذلك الثورة الشيوعية في الصين، فإنها وإن بدأت قبل الغزو الياباني، ولكنها ظلت لمدة عقد كامل، تنتشر وتتوسع، لتخرج نهائيا منتصرة بانتهاء الحرب. فلم يستطع مرة واحدة حتى الآن أن يحقق النصر عن طريق التناقض الداخلي فحسب، أو أن يحطم جهاز الدولة ما لم تحطم الجهاز ظروف حربية وخارجية، تدعو إلى زعزعته وانهياره.
فملامح النظرية وسماتها العامة، لم تبد على التطبيق، وإنما كل ما بدا من خلال التطبيق، ان مجتمعا حدثت فيه ثورة قلبت نظامه، وعصفت بالجهاز الحاكم فيه، بعد تصدع هذا الجهاز لظروف عسكرية وخارجية واجتاح الناس شعور قوي بالحاجة إلى لون جديد من الحياة السياسية والاجتماعية ونفس هذه العوامل التي أنجحت الثورة في روسيا، أو هيأت لها، كانت موجودة - كليا أو جزئيا - في عدة أقطار أخرى، شهدت نفس ما شاهدته روسيا من ظروف عسكرية، وتمخضت على أثر الحرب العالمية الأولى بثورات مماثلة، لعب فيها تصدع السلطات الحاكمة، والشعور الثوري بعدم كفاءتها، والاحساس بالحاجة المتزايدة إلى التقدم السريع، للالتحاق بالركب الامامي للعالم. دورا خطيرا، غير أن الثورة الوحيدة التي اتخذت الطابع الاشتراكي، هي الثورة الروسية. ولا يمكننا أن نجد سبب ذلك في اختلاف قوى الإنتاج، التي كانت متشابهة إلى حد ما في تلك الأقطار، وإنما نجده في الظروف الفكرية التي كانت تمر بها تلك الأقطار، والتيارات المتناقضة التي كانت تعمل في الحقل السياسي، والمجال الثوري هنا وهناك.
فإذا كان من الحق ما يزعمه المنطق الديالكتيكي للماركسية، من وحدة النظرية والتطبيق، وان التطبيق هو الأساس الوحيد لتدعيم النظرية، فمن الحق أيضا أن المادية التاريخية، لا تزال تفقد حتى الآن هذا الدليل، لأن التطبيق الذي حققته الماركسية، لم يحمل خصائص النظرية، ولم تنعكس عليه ملامحها. حتى أن لينين - وهو الثوري الروسي الأول، الذي كان يخوض معركة التطبيق ويقودها - لم يستطع