الخاص، مشهد انكلترا في تلك الفترة المحدودة من تاريخها.
مع أن سيطرة عامل معين، على مجتمع في فترة خاصة، لا تكفي للتدليل على سيطرته الرئيسية، في كل أدوار التاريخ، وفي كل المجتمعات، إذ قد يكون لهذه السيطرة نفسها أسبابها وعواملها الخاصة. فيجب قبل إصدار الأحكام النهائية في حق التاريخ، أن يقارن المجتمع الذي بدا العامل الاقتصادي مسيطرا عليه، بالمجتمعات الأخرى، حتى يبحث عما إذا كان لهذه السيطرة، ظروفها وأسبابها الخاصة؟.
ومن الجدير بهذا الصدد أن نلاحظ كلاما آخر لأنجلز، ساقه في مناسبة أخرى، وهو يعتذر عن أخطاء وقع فيها، من جراء التطبيق الديالكتيك على غير المجتمع، من مجالات الكون والحياة، قائلا:
((وغني عن البيان، بأنني كنت قد عمدت إلى سرد المواضيع في الرياضيات والعلوم الطبيعية، سردا عاجلا وملخصا، بغية أن أطمئن تفصيلا إلى ما لم أكن في شك منه بصورة عامة، إلى أن نفس القوانين الديالكتيكية للحركة، التي تسيطر على العفوية الظاهرة للحوادث في التاريخ، تشق طريقها في الطبيعة...)) (1) ونحن إذا قارنا هذا الكلام بالكلام السابق لأنجلز، استطعنا أن نعرف كيف أتيح لمفكر ماركسي مثل أنجلز، أن يكون مفهومه العام عن التاريخ، وبالتالي مفهومه الفلسفي عن الكون والحياة وكل ظواهره، من خلال الضوء الذي يلقيه مشهد تاريخي واحد لمجتمع خاص من المجتمعات البشرية. في فترة محدودة من الزمن بطريقة سهلة جدا. فما دام هذا المشهد التاريخي المعين، يكشف عن صراع بين جماعتين في المجتمع، فيجب أن يكون التاريخ كله صراعا بين المتناقضات. وإذا كان التناقض هو الذي يسود التاريخ، فيكفي هذا ليؤمن أنجلز بأن نفس قوانين التناقض هذه، تشق طريقها في الطبيعة، على حد تعبيره، وأن الكون كله صراع بين مختلف التناقضات الداخلية.