ذلك في تملك العامل الأول للمادة فحق العامل الأول بسبب سبقه الزمني هو الذي يعزل العمل الثاني عن التأثير. ولأجل هذا يصبح من الطبيعي أن يستعيد العمل الثاني تأثيره ويؤدي مفعوله إذا تخلى العامل عن حقه وهذا هو ما يحدث تماما في عقود المزارعة والمساقاة والمضاربة والجعالة ففي عقد المزارعة مثلا ينفق العامل جهدا ويمارس عملا في استغلال البذر وتطويره إلى زرع. وهذا العمل يمارسه إنما لا يعطيه حق ملكية الزرع لأن المادة التي يمارس عمله فيها - البذر - مملوكة لشخص سابق، وهو صاحب الأرض. فإذا سمح صاحب الأرض للعامل في عقد المزارعة بأن يقتطف ثمار عمله وتنازل عن حقه في نصف المادة مثلا، لم يبق ما يحول عن تملك العامل لنصف الزرع.
وعلى هذا الأساس نعرف أن مشاركة العامل في الناتج هي في الحقيقة تعبير عن دور العمل الذي يمارسه في المادة - البذر أو الشجر أو المال التجاري مثلا - وعن الحق الذي ينتج عن ممارسته بموجب النظرية العامة لتوزيع ما قبل الإنتاج. وإنما يعطل هذا الدور أو الحق أحيانا بسبب دور أو حق سابق زمنيا يتمتع به شخص آخر. فإذا تنازل هذا الشخص عن حقه في عقد كعقد المزارعة وغيرها من عقود الشركة بين العامل وصاحب المال، لم يعد ما يمنع عن إعطاء العامل حقه في المادة - وفي حدود تنازل مالكها السباق - نتيجة لممارسة العمل فيها.
وأما أدوات الإنتاج فهي تختلف أساسيا عن العمل الذي يمارسه العامل بموجب تلك العقود. فإن الزارع الذي ارتبط مع صاحب الأرض والبذر بعقد مزارعة يمارس عملا وينفق جهدا خلال عملية الزرع، فيكون من حقه أن يملكه في الحدود التي سمح بها في العقد، وأما مالك الشبكة الذي يدفعها إلى الصياد ليصطاد بها فهو لا يمارس عملا في علمية الصيد، ولا ينفق جهدا في الاستيلاء على لا الحيوان، وإنما الذي يمارس العمل وينفق الجهد هو الصياد وحده، فلا يوجد إذن مبرر لاكتساب صاحب الشبكة حق ملكية الصيد، لأن المبرر لذلك هو ممارسة العمل، وصاحب الشبكة لم يمارس عملا في الصيد ليحصل على هذا الحق وسماح الصياد له بهذا