للخياط الذي استأجره صاحب الثوب أن يستأجره غيره بثمانية دراهم للقيام بالمهمة ويحافظ لنفسه بدرهمين في حالة واحدة وهي ما إذا كان قد مارس بنفسه جزءا من العملية، وأنجز مرحلة من الخياطة التي استؤجر عليها، ليكون الظفر بدرهمين نتيجة لعمل منفق على الثوب.
وحكم ثالث نجده في البناء العلوي مرتبطا أيضا بالقاعدة ومدلولها السلبي، وهو ما مر بنا في الفقرة السادسة من منع صاحب المال عن تضمين العامل في عقد المضاربة، بمعنى أن التاجر إذا أراد أن يدفع رأس ماله التجاري - كنقود وسلعة - إلى عامل ليتجر به على أساس اشتراكهما في الأرباح فليس له أن يكلف العامل بتعويض عن الخسارة إذا اتفق وقوعها.
وتوضيح هذا المعنى أن صاحب المال في سلوكه مع العامل بين طريقتين:
أحدهما: أن يمنح ملكية المال التجاري للعامل بعوض محدد يدفعه العامل بعد انتهائه من العلمية التجارية، وفي هذه الحالة يصبح العامل ضامنا للعوض المتفق عليه، ومسؤولا عن دفعه - مع توفر سائر الشروط الشرعية - سواء أسفر عمله التجاري عن ربح أم مني بخسارة، لكن صاحب المال في هذه الحالة لا يشارك العامل في الأرباح، وليس له حق إلا في العوض المتفق عليه، لأن المال التجاري أصبح ملكا للعامل، فالربح كله يعود اليه لأنه هو الذي يملك المادة. ولهذا جاء في الحديث كما سبق في ف (12) أن من ضمن تاجرا - أي عاملا يتجر بالمال - فليس له إلا رأس ماله.
والطريق الآخر هو أن يحتفظ صاحب المال لنفسه بملكية المال التجاري ويستخدم العامل للاتجار به على أساس اشتراكه في الربح. وفي هذه الحالة سيصبح لصاحب المال حق في الربح، لأن المال ماله، ولكن لا يجز له أن يكلف العامل في العقد بتعويض عن الخسارة. وهذا هو الحكم الذي أشرنا إلى ارتباطه بالقاعدة التي نمارس الآن اكتشافها من خلال البناء العلوي، وذلك لأن الخسارة في التجارة لا تعني استهلاك العامل خلال العملية التجارية لعمل منفصل لصاحب المال كان قد اختزنه في ماله، كما هي الحال بالنسبة إلى صاحب الدار أو أداة الإنتاج، الذي يجوز