شرطا أساسيا للملكية العامة، والاحكام الآنفة الذكر فما لم تكن معمورة بجهد بشري معين، لا يحكم عليها بهذه الاحكام (1).
وعلى هذا الأساس، نصبح اليوم في مجال التطبيق، بحاجة إلى معلومات تاريخية واسعة عن الأراضي الإسلامية، ومدى عمرانها، لنستطيع أن نميز في ضوئها المواضع التي كانت عامرة وقت الفتح، عن غيرها من المواضع المغمورة ونظرا إلى صعوبة توفر المعلومات الحاسمة بهذا الصدد اكتفى كثير من الفقهاء بالظن، فكل أرض يغلب على الظن أنها كانت معمورة حال الفتح الإسلامي تعتبر ملكا للمسلمين (2).
ولنذكر على سبيل المثال، محاولات بعض الفقهاء لتحديد نطاق الأرض الخراجية المملوكة ملكية عامة من أراضي العراق، التي فتحت في العقد الثاني من الهجرية: فقد جاء في كتاب المنتهى للعلامة الحلي: ((أن أرض السواد هي الأرض المفتوحة من الفرس، التي فتحها عمر بن الخطاب. وهي سواد العراق، وحده في العرض: من منقطع الجبال بحلوان إلى طرف القادسية، المتصل بالعذيب من أرض العرب. ومن تخوم الموصل طولا إلى ساحل البحر ببلاد عبادان، من شرقي دجلة. وأما الغربي الذي يليه البصرة فإنما هو إسلامي، مثل شط عمرو بن العاص... وهذه الأرض (أي الحدود التي حددها) فتحت عنوة فتحها عمر بن الخطاب، ثم بعث إليها بعد فتحها ثلاث أنفس: عمار بن ياسر على صلاتهم أميرا، وابن مسعود قاضيا وواليا على بيت المال، وعثمان بن حنيف على مساحة الأرض. وفرض لهم في كل يوم شاة، شطرها مع السواقط لعمار، وشطرها للآخرين وقال: ما أرى قرية تؤخذ منها كل يوم شاة إلى سرع خرابها.
ومسح عثمان أرض الخراج، واختلفوا في مبلغها فقال المساح: اثنان وثلاثون ألف ألف جريب. وقال أبو عبيدة: ستة وثلاثون ألف ألف جريب)) (3).