وكانت الأرض في نطاق ملكية الدولة. وعلى هذا الأساس ورد عن الصادق (ع)، بصدد تحديد ملكية الدولة (الإمام): أن الموات كلها هي له، وهو قوله تعالى ((يسألونك عن الأنفال (أن تعطيهم منه) قل الأنفال لله والرسول)) (1).
ومما قد يشير إلى ملكية الدولة للأراضي الموات أيضا، ما ورد في الحديث: من أن النبي (ص) قال: ((ليس للمرء إلا ما طابت به نفس إمامه)) (2). وقد استدل أبو حنيفة بهذا الحديث على: أن الموات لا يجوز احياؤها والاختصاص بها دون إذن الإمام (3)، وهذا يتفق تماما مع ملكية الإمام للموات، أو ملكية الدولة بتعبير آخر (4). ويدل على ذلك أيضا: ما ورد في كتاب الأموال لأبي عبيد، عن ابن طاووس، عن أبيه: ((أن رسول الله (ص) قال: عادي الأرض لله ولرسوله، ثم هي لكم)) (5). فقد حكم هذا النص بملكية الرسول لعادي الأرض، والجملة الأخيرة: (ثم هي لكم) تقرر حق الاحياء الذي سنشير اليه فيما بعد.
وقد جاء في كتاب الأموال: أن عاد الأرض هي كل أرض كان لها ساكن في آباد الدهر، فلم يبق منها أنس، فصار حكمها إلى الإمام. وكذلك كل أرض موات لم يحيها أحد، ولم يملكها مسلم ولا معاهد (6).
وفي كتاب الأموال أيضا، عن ابن عباس: أن رسول الله (ص) لما قدم المدينة جعلوا له كل أرض لا يبلغاها الماء، يصنع بها ما يشاء (7). وهذا النص لا يؤكد مبدأ