مسلما فحسب. وكما لا تورث الأرض الخراجية لا تباع أيضا، لأن الوقف لا يجوز بيعه. فقد قال الشيخ الطوسي في المبسوط: أنه ((لا يصح التصرف ببيع فيها وشراء، ولا هبة، ولا معارضة، ولا تملك، ولا إجارة ولا إرث)) (1). وقال مالك: ((لا تقسم الأرض، وتكون وقفا يصرف خراجها في مصالح المسلمين: من أرزاق المقاتلة وبناء القناطر والمساجد، وغير ذلك من سبل الخير)) (2).
وحين تسلم الأرض إلى المزارعين لاستثمارها، لا يكتسب المزارع حقا شخصيا ثابتا في رقبة الأرض، وإنما هو مستأجر يزرع الأرض ويدفع الأجرة أو الخراج، وفقا للشروط المتفقة عليها في العقد. وإذا انتهت المدة المقررة انقطعت صلته بالأرض، ولم يجز له استثمارها والتصرف فيها إلا بتجديد العقد، والاتفاق مع ولي الأمر مرة أخرى.
وقد أكد ذلك بكل وضوح الفقيه الأصفهاني في تعليقه على المكاسب: نافيا اكتساب الفرد أي حق شخصي في الأرض الخراجية، زائدا على حدود إذن ولي الأمر في عقد الإجارة الذي يسمح له بالانتفاع بالأرض واستثمارها نظير أجرة خلال مدة محددة (3).
وإذا أهملت الأرض الخراجية حتى خربت وزالت عمارتها، لم تفقد بذلك صفة الملكية العامة للأمة. ولذلك لا يسمح لفرد بإحيائها إلا بإذن من ولي الأمر، ولا ينتج عن إيحاء الفرد لها حق خاص في رقبة الأرض، لأن الحق الخاص بسبب الاحياء إنما يوجد في أراضي الدولة التي سنتحدث عنها فيما يأتي، لا في الأرض الخراجية التي تملكها الأمة ملكية عامة كما صرح بذلك المحقق صاحب البلغة في كتابه (4).