الاشكال في جواز التصرف في النماء، وليس فيما أجاب به المصنف (رحمه الله) إلا ما يتعلق بالأول فقط.
فنقول: أما اشكال جواز التصرف في النماء - مع معاملة المتشرعة معه معاملة أصله الكاشف عن الملكية - هو أن مسوغ التصرف إما الملكية وإما الإباحة الشرعية أو المالكية، ولا ملكية لما سيجئ (1) إن شاء الله تعالى، وأما الإباحة الشرعية فليست إلا في موضوع المأخوذ بالمعاطاة، كما أن الإباحة المالكية المستفادة من الرضا الضمني، فهي ليست إلا فيما جعله المالك مستوليا عليه، وهو المأخوذ بالمعاطاة، والنماء المتصل وإن كان تابعا عرفا إلا أن النماء المنفصل ليس كذلك.
وأما اشكال الملكية فهو في فرض عدم حدوث مملك للأصل من تصرف أو تلف، فإنه لا بد من كون حدوث النماء مملكا للأصل ليتبعه نمائه فهو غريب، أو كون حدوثه مملكا لنفسه دون أصله فهو غريب آخر، مع كونه فرعا ونماء.
ويمكن أن يقال: لا حاجة إلى فرض ملكية النماء ليلزم أحد الأمرين الغريبين، بل نقول يكفي في جواز التصرف في أصله، بتقريب: أن سنخ هذا الرضا المسوغ لجميع التصرفات شرعا مبائن لمجرد الإذن والرضا في موارد أخر، فإنه في الموارد الأخر إذن ابتدائي في شئ، والإذن في التصرف في شئ ليس إذنا في شئ آخر مبائن له وجودا.
بخلاف الإذن الناشئ عن كون الشخص في مقام إخراج نفسه عن الطرفية لإضافة الملكية وجعل غيره مسلطا على ماله، فإن العين وتوابعها المتصلة والمنفصلة في نظره على حد سواء، وليست الإباحة المطلقة الشرعية إلا على طبق الإذن والرضا المطلق من المالك، لا إنها إباحة ابتدائية قهرا على المالك، ومنه علم أن شمول مثل هذا الإذن غير خفي، فلا حاجة إلى الملكية حتى يستلزم الغرابة التي لا تدفع إلا بالالتزام بالملكية من أول الأمر.