تدل على ثبوت البأس في الثلاثة، ودلالتها على الحرمة بعد ظهور البأس في نفسه في الحرمة متوقفة على اشتراك الأرض مع الدار في الحكم حتى يكون الحكم في الكل حرمة الايجار إلا أنه سيجئ إن شاء الله تعالى إن حكم ايجار الأرض هي الكراهة فلا محالة يكون المراد من البأس هو الجامع بين الحرمة والكراهة، فلا دلالة للرواية على حرمة إيجار السفينة بأكثر مما استأجرها به.
وأما الأرض ففيها طوائف من الأخبار (الأولى) ما يدل على الجواز مطلقا كما في صدر رواية أبي الربيع الشامي (1) وأبي المعزا (2) وابن المثنى (3) المشتمل على عدم البأس، وأن الأرض ليست كالبيت والحانوت الأجير.
و (الثانية) ما يدل على عدم جواز إجارتها وجواز مزارعتها بالأكثر.
و (الثالثة) ما يدل على عدم جوازهما معا، ولا يمكن حمل الطائفة الأولى المطلقة على ما إذا أحدث فيها شيئا، لأن حرمة إجارة الدار والحانوت أيضا مقيدة به فلا مجال لنفي المماثلة بين الأرض والدار والحانوت كما هو صريح الروايات المزبورة، ولا يمكن تقييدها بجواز المزارعة المعبر عنها في غير واحد من الأخبار بالإجارة، فإنه مع كونه خلاف الظاهر مخالف لنفي المماثلة بين الأرض والبيت والحانوت أيضا، فإن ظاهره إن الأرض ليست كالبيت في الإجارة بالأكثر لا أن المزارعة ليست كالإجارة ليجوز فيها المزارعة بالأكثر.
فالصحيح في الجمع بين الطوائف الثلاث هو حمل الأخبار المانعة على الكراهة ، لأن قوله عليه السلام: لا بأس نص في الجواز فيقدم على ما هو ظاهر في المنع، كما أن الطائفة المفصلة بين الإجارة والمزارعة كروايتي الحلبي (4) وإسحاق بن عمار نص في جواز المزارعة فتقدم على رواية الهاشمي الناهية عن التقبيل بالأكثر بحمل المنع على مرتبة من الكراهة هي أخف من كراهة الإجارة بالأكثر، فالأقوى في المسألة حرمة الإجارة بالأكثر في الدار والحانوت والأجير وكراهة الإجارة بالأكثر في الرحى