كان ترك الانشاء الناقل فمقتضى لزوم تعلق الالتزام بالمقدور إمكان تحقق الإجارة الحقيقية منه فكيف يعقل اطلاق الوجوب لما بعد الانشاء النافذ الذي لا يبقي معه محل للوفاء؟ فتدبره فإنه حقيق به.
رابعها: إن الإجارة الثانية تصرف مناف للحق الثابت للمؤجر على المستأجر باشتراط الاستيفاء الراجع إلى ترك الإجارة من الغير وهو باطل.
وتحقيق القول فيه يتوقف على تنقيح أمرين: (أحدهما) صغرى الدليل من حيث اقتضاء الشرط للحق دون التكليف المحض بالوفاء (ثانيهما) كبرى الدليل وهو أن كل تصرف مناف للحق فهو باطل.
أما الأول: فطريق استكشاف الحق أحد أمور ثلاثة: إما اقتضاء نفس الاشتراط، وإما اقتضاء دليل الشرط، وإما اقتضاء آثار الشرط أما اقتضاء نفس الشرط فتقريبه أنه كما أن الإجارة في الأعمال ليست إلا الالتزام بالخياطة للمستأجر، ونفس كون الخياطة له دال على الاختصاص الملكي كذلك الشرط، فإنه أيضا التزام بالخياطة لزيد مثلا، فهناك التزام معاملي اجاري وهنا متمحض في الالتزام بالعمل له، ويندفع بأن حقيقة الإجارة تمليك العمل بعوض، غاية الأمر أن مضامين العقود والايقاعات واردة مورد الالتزامات والعهود لا أن تمام حقيقة الإجارة التزام للمستأجر بعمل، وهنا أيضا لو التزم بملك العمل للمشروط له كان من شرط النتيجة فيكون سببا للملك، والكلام في شرط العمل، واللام لام الصلة للالتزام لا لام الاختصاص فالشارط ملتزم للمشروط له بعمل لا أنه يلتزم بعمل له، وبقية الكلام من هذه الجهة في بحث الشروط.
وأما اقتضاء دليل الشرط فمن البين أن قوله عليه السلام: " المؤمنون عند شروطهم " (1) إما دليل النفوذ وإما دليل وجوب الوفاء تكليفا وإنما دليل اللزوم الوضعي، وشئ من ذلك لا يقتضي حدوث حق اعتباري بالشرط ما لم يكن