ولا اشكال إن هذا المعنى لا يتحقق إلا بعد تنجز التكليف لوضوح أن التحريم بوجوده الواقعي الغير الواصل إلى المكلف لا يقتضي حرمانه عنه، وبعد ثبوت الترخيص في الانتفاع عند الشك في الحرمة تكون المالية باقية بحالها المكان الانتفاع بها المقوم لماليتها، (وأما الحلية في حال الاضطرار) فقد تقدم أنها ليست من مقومات المالية للشئ لكون الاضطرار نادرا وهذا واضح وإن لم يتعرض له الأستاذ دام بقاؤه في البحث.
(أقول) ما أفاده دام بقاؤه في المنع عن استعمال الخمر إلا في التضميد مع الاستشكال فيه أيضا محل منع لعدم ثبوت تحريم اسقائه الدواب والزرع واستعماله في الأصباغ إذ لم يقم دليل على حرمة هذه الانتفاعات فلو كانت مما تقوم به المالية العرفية لكان اللازم صحة بيعها لأجلها أيضا (لكن الانصاف) إن غير التضميد عن تلك الانتفاعات لا تعد من منافعها المقصودة الحافظة لماليتها عرفا والمنفعة النادرة لا توجب صحة المعاملة عليها وإن كانت مباحة (وأما التضميد) فهو منفعة شايعة مقصودة موجبة لماليتها عرفا، فلو لم يثبت منع عنه يكون اللازم هو الحكم بصحة البيع لأجل تلك المنفعة الشايعة (اللهم إلا أن يقوم دليل) على تحريم بيعها تعبدا كما لا يبعد أن يكون الخمر كذلك بالنظر إلى اطلاق مما قد الاجماعات والنصوص الناهية عن بيعها.
وأما المتنجسات فالأمر فيها أوضح، إما بالنظر إلى الدليل فلورود أخبار متعددة على جواز الانتفاع بها في موارد كثيرة بحيث يمكن استنباط قاعدة كلية منها مع عدم ما يدل على المنع عن الانتفاع بها بالعموم أو الاطلاق فلا حاجة إلى تجشم الجمع بين الأخبار كما في باب النجاسات على ما عرفت (وأما بالنظر إلى الأصل العملي) فمقتضى استصحاب جواز الانتفاع بها الثابت قبل التنجس هو عموم الجواز إلا ما ثبت المنع عنه (فظهر أن مقتضى الأصل في