المسألة في دائرة فكرة العصمة " هذين الإتجاهين:
الاتجاه الأول: القصة في عالم التمثل لا التكليف: إن الخصمين كانا من الملائكة، فلا يكون التكليف حقيقيا..
الاتجاه الثاني: القضاء التقديري لا الفعلي.. " (1).
ثم بعد ذلك يصرح " الكاتب " بأن (السيد) يرجح " على ما يظهر من تفسيره الاتجاه الأول الذي يرى أن الحادثة وقعت في عالم التمثل وليس في عالم التكليف الشرعي، ويفسر الآيات على ضوء ذلك الاتجاه.. " (2).
وأمام هذا التدليس، وتحريف الكلم عن مواضعه لا بد من الإشارة إلى بعض الملاحظات التي من شأنها أن تلقي الضوء على حقيقة رأي صاحب " من وحي القرآن " فنقول:
1 - لا صحة على الإطلاق لما زعمه " الكاتب " من أن (السيد) يفسر الآيات على ضوء الاتجاه الأول، بل أنه في تفسيره للآيات وقبل أن يشرع بالبحث عن علاقة القضية بمسألة العصمة، لم يشر لا من قريب ولا من بعيد إلى جنس الخصمين، ولا إلى كون ذلك الحكم تقديريا، وإنما قال بالنص الحرفي:
" وهكذا أطلق داود (ع) الحكم، وتدخل في تفسير المسألة من ناحية اعتبارها مظهرا من مظاهر الانحراف الاجتماعي في العلاقات العامة في الحقوق المتنازع عليها بين الناس.. ولم يكن قد استمع إلى الطرف الآخر مما تقتضيه طبيعة إدارة الحكم في جانب الشكل والمضمون، فعليه أن يدرس الدعوى من خلال الاستماع إلى حجة المدعى عليه، لأن مسألة الغنى والفقر، والكثرة والقلة، لا يصلحان أساسا للحكم على الغني الذي يملك الكثير لحساب الفقير الذي يملك القليل، أو لا يملك شيئا في دائرة الحق المختلف فيه " (3).