ه وبعد أن رد صاحب " من وحي القرآن " كلا الإتجاهين أدلى برأيه في المسألة معتبرا أنه لا مفر من " الاعتراف بأن مثل هذه الأخطاء لا تتنافى مع مقام النبوة، لا سيما إذا كانت الأمور جارية في بداياتها مما قد يراد به الوقوع في الخطأ من أجل أن يكون ذلك بمثابة الصدمة القوية التي تمنع عن الخطأ في المستقبل " (1).
إذن وفق رأي (السيد) لا فائدة من الحديث عن كون ذلك قد حصل في عالم التمثل لا التكليف، وكذلك لا فائدة من الحديث عن القضاء التقديري، لأن كلاهما لا يحل المشكلة بحسب رأي صاحب " من وحي القرآن "، وأن المشكلة إنما تحل بالاعتراف بخطأ داود (ع) مع القول بأن هذا النوع من الأخطاء لا ينافي العصمة أو مقام النبوة.
3 - إذا ما اتضح ذلك كله، اتضح معه عدم صحة ادعاء " الكاتب " بأن (السيد) قد رجح الاتجاه الأول، بل هو رفضه كما رفض الاتجاه الثاني أو صرح بما لا يقبل الجدل بأن داود (ع) قد أطلق حكما نهائيا.
4 - قد مر بأن نفي كون هذه الأخطاء تنافي العصمة أو مقام النبوة لا يغير من الواقع شيئا فإن ذلك مجرد دعوى، يريد مطلقها من خلالها إثبات الخطأ على الأنبياء..
مع أن النبي يجب أن يكون معصوما حتى عن فعل المنفرات فإذا كانت العصمة تتناول حتى هذه الحالة، فإن المسألة ترتبط أساسا في تعيير الناس له والحمل عليه والطعن به، وبالتالي عدم الركون إلى أحكامه أو الوثوق به.
ولا يرفع الإشكال كون هذا الخطأ أو ذاك لن يتكرر في المستقبل، فلو قبل ذلك، لجاز عليهم (ع) المعاصي والذنوب، كالكذب وغيره قبل البعثة، لادعاء بأن ذلك لن يصدر منه بعدها.