الرأي الموافق والمطابق لرأي العلامة المحقق أيده الله تبعا للصدوق (قده) والمفيد (قده) والمجلسي (قده).. كما أسلفنا.. هذا الرأي الذي يتمحور حول أن ما جرى بين موسى (ع) وهارون (ع) من أخذه برأس أخيه وجره إليه، إنما كان نوعا من العمل " الإستعراضي " الذي يريد موسى (ع) من خلاله إظهار خطورة ما فعله بنو إسرائيل.
فلنقرأ بإمعان ما يقوله العلامة الشيرازي بالنص الحرفي:
فهو يقول: " وهنا ينقدح السؤال التالي وهو: لا شك أن كلا من موسى (ع) وهارون (ع) نبي فكيف يوجه هذا البحث والعتاب واللهجة الشديدة من قبل موسى (ع)، وما أجاب به هارون (ع) مدافعا عن نفسه؟!.
ويمكن القول في الجواب: إن موسى (ع) كان متيقنا من براءة أخيه (لا يخفى أن المتيقن من براءة أخيه لا يعامله بشدة على نحو الحقيقة) إلا أنه أراد أن يثبت أمرين بهذا العمل:
الأول: أراد أن يفهم بني إسرائيل أنهم قد ارتكبوا ذنبا عظيما جدا، وأي ذنب؟! ذنب ساق حتى قدم هارون الذي كان نبيا عظيما إلى المحكمة، وبتلك الشدة من المعاملة، أي أن المسألة لم تكن بتلك البساطة التي كان يتصورها بنو إسرائيل، فإن الانحراف عن التوحيد والرجوع إلى الشرك... أمر لا يمكن تصديقه، ويجب الوقوف عنده بكل حزم وشدة، قد يشق الإنسان جيبه، ويلطم على رأسه، عندما تقع حادثة عظيمة أحيانا، فكيف إذا وصل الأمر إلى عتاب أخيه وملامته، ولا شك أن هذا الأسلوب مؤثر في حفظ الهدف وترك الأثر النفسي في الأناس المنحرفين، وبيان عظمة الذنب الذي ارتكبوه، كما لا تشك في أن هارون (ع) - أيضا - كان راضيا كل الرضا عن هذه الحادثة.
الثاني: هو أن يثبت للجميع براءة هارون (ع) من خلال التوضيحات التي يبديها، حتى لا يتهموه فيما بعد بالتهاون في أداء رسالته.