يتبنى ما نسبه إلى أبي علي الجبائي " وإن كان قد سبق إليه جماعة من أهل التأويل " وهذا الرأي هو: " إن هذا الكلام.. إنما هو من كلام المرأة لا من كلام يوسف (ع)، واستشهدوا على صحة هذا التأويل بأنه مسوق على الكلام المحكي عن المرأة بلا شك... وعلى هذا التأويل يكون التبرؤ من الخيانة الذي هو ذلك " ليعلم إني لم أخنه بالغيب " من كلام المرأة لا من كلام يوسف (ع) ويكون المكنى عنه في قوله تعالى: {إني لم أخنه بالغيب} هو يوسف (ع) دون زوجها لأن زوجها قد خانته في الحقيقة بالغيب، وإنما أرادت إني لم أخن يوسف (ع) وهو غائب في السجن، ولم أقل فيه لما سئلت عنه وعن قصتي معه إلا الحق.. ".
وهذا الرأي هو الذي يرتضيه الشريف المرتضى (قده) ولذلك قال عنه: " وهذا الجواب كأنه أشبه بالظاهر، لأن الكلام معه لا ينقطع عن اتساقه، وانتظامه " (1).
4 - على أننا نقرأ كما " سماحته " ما جاء في دعاء التوبة للإمام زين العابدين عليه السلام: " اللهم إني أتوب إليك في مقامي هذا... توبة من لا يحدث نفسه بمعصية " فإذا كان الإمام عليه السلام يعلمنا موارد التوبة (دون أن يعني ذلك أنه فعل فعلا يتوب عنه كما حققه العلماء في محله) وأن نتوب ولا نعود حتى على هذا المستوى من حديث النفس بالمعصية، ألا يعني ذلك أن هذا أمر ممكن التحقق؟ وأن الأنبياء هم أولى الناس بالتزام هذا الأمر والانتهاء إليه.
أولم يعلمنا الإمام زين العابدين (ع) أيضا في نفس الدعاء أن نقول: " اللهم وإني أتوب إليك من كل ما خالف إرادتك أو أزال عن محبتك من خطرات قلبي ولحظات عيوني، وحكايات لساني " ألا يعني ذلك أن خطرات القلب ولحظات العيون وحكايات اللسان تزيل الإنسان عن محبة الله وتخالف إرادته؟
ثم بعد ذلك كله يأتي هذا " الكاتب " تبعا لصاحبه ليقول: إن خطور الفاحشة بالبال قد حصل عند يوسف (ع) وأن ذلك لا يطعن بعصمته لأنها مما تليق بحاله!! ما لم تصل إلى العزم؟!!