نفسي أنني أجيب دعوة كل ملتجئ إلي بدعوته ما لم يسأل بإثم أو قطيعة رحم (إذا دعان) أي خصني بالدعاء مقرا بعجزه معترفا لي بالقدرة على تحقيق المطالب واثقا من صدق وعدي، وأني لا أبخل بما عندي. قال (ص):
(ادعوا ربكم وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه) (فليستجيبوا لي) فما عليهم إلا أن يبادروا بالدعاء الذي هو روح العبادة، لما فيه من الدلالة على الشعور بالحاجة إلى الله تعالى والتعلق به، ويطالبونني بالإجابة ليبرهنوا بذلك على ثقتهم بتحقيق مطالبهم ومعرفتهم بي (وليؤمنوا بي) أي وليبرهنوا على إيمانهم حقا بي بالاخلاص في طاعتي والانقياد لأحكامي، والتقرب إلي بصالح الأعمال. (لعلهم) بذلك (يرشدون) يبلغون الرشد إذ يدركون ما لي عليهم من حقوق الطاعة والاخلاص في سائر الأعمال التي أمرتهم بها، والتي هي هيكل جميع العبادات، مقابل ما منحتهم من النعم، وما تعهدت لهم من إجابة الدعاء، وفي هذا يقول تعالى: (وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين)، إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون، الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون، أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم).