جوابا ولا حلا، إذ لم يفترض وجود خالق مدبر لهذا الكون، قادر على ما لا يقدر عليه أحد سواه، تماما كما تفترض وجود كاتب لرسالة أرسلها إليك مجهول لا تعرف هويته، ولا شيئا عنه من قبل.
قال صدر المتألهين: (إن الله قد جمع في الإنسان قوى العالم، وأوجده بعد وجود الأشياء التي جمعت فيه: (الذي أحسن كل شئ خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين) فلقد أوجد الله فيه بسائط العالم ومركباته وروحانيته ومبدعاته ومكوناته، فالإنسان من حيث جمع فيه قوى العالم كالمختصر من الكتاب الذي لفظه قليل ومعناه كاف واف، كالزبدة من المخيض، والدهن من السمسم، والزيت من الزيتون.) ونحن مع الماديين إذا استطاعوا أن يجيبوا عن هذه الأسئلة، أو عن واحد منها جوابا صحيحا معقولا، دون أن يفترضوا وجود الله سبحانه، وكيف يفترضون وجوده وهم يتوجسون خيفة لمجرد ذكره، لا لشئ إلا لأنه اسم سحيق عريق في القدم يردده الإنسان مند وجد على ظهر هذه الكواكب، وكفى بهذا مبررا للجحود والإنكار في منطقهم.
إن جميع الحلول والتفاسير لمصدر النفس والكون لا تزودنا بنظرية صحيحة إذا لم نفترض وجود سبب أول ينبثق عنه كل موجود، ويرجع إليه كل شئ، وحيثما وجد النقص والخلل في التفسير والتعليل لمصدر النفس يوجد التمام والكمال في هذا السبب.
واحتار بعض الباحثين في أمر النفس وواقعها، ولم يدر ماذا يصنع، فقد رأى إن أرجعها إلى المادة وحتميتها المحضة ازداد الأمر غموضا وتعقيدا، وإن أرجعها إلى الله ناقض نفسه، لأنه لا يؤمن بغير المادة، على الرغم من أنها لا تقدم الحلول، ولا تكتفي بذاتها، وأنها في حاجة إلى الحل والتفسير،.