الكثيفة هي حبس للنفوس، أو حجاب لها، وأنها بمنزلة البيضة للفرخ وبيت الرحم للجنين).
أيضا مع الماديين:
نعود إلى الماديين في كل مناسبة، ونكرر أقوالهم، وما فيها من أخطاء في كل فصل من الفصول أو في أكثر الفصول، لأنهم الهدف الأول والأخير لتأليف هذا البحث.
قالوا: إن الإنسان مادة بلا روح، وإن القوانين الطبيعية لا تتحكم به تماما كما تتحكم بالمادة الجامدة.. وأن ما فيه من ظواهر الحزن والفرح والخوف والرجاء، وما إلى ذلك إن هي إلا لتأثره بالظروف والبيئة المحيطة به ونجيب: لماذا استعد الإنسان وتقبل هذه الظواهر وتفاعل مع الظروف والبيئة دون غيره، أو استعد لها أكثر من بقية الكائنات، مع أنه لا فرق بينه وبينها في شئ؟!
قال (بسكال): (إن خلايا النحل لم تكن أقل ضبطا، أو أدنى دقة منذ آلاف السنين عما هي عليه الآن). أما الإنسان فقد دخل في ألف طور وطور، ألا يدل هذا على أن فيه معنى وراء المادة، ووراء الحيوانية؟!
ونحن لا ننكر أبدا أن الإنسان جزء من الطبيعة بوصفه جسما، ولكنا نقول: إنه فوق الطبيعة بوصفه عقلا، يتحكم بها وبقوانينها، ويستوعب كل شئ ولا يستوعبه شئ سوى خالقه. ولذا قال أمير المؤمنين علي عليه السلام:
(الإنسان يشارك السبع الشداد) وقال غيره: (الإنسان مركز الكون).
وغريبة الغرائب أن يقول الماديون: إن الكون بأرضه وسمائه وجميع أشيائه ملك للانسان يتصرف فيه ما يشاء، ويضفون عليه جميع الصفات الآلهية حتى قال إمام من أئمتهم وهو (فوربايخ): (إن إله الإنسان هو الإنسان