المعلم عاملا بعلمه فلا يكذب قوله فعله، لأن العلم يدرك بالبصائر والعمل يدرك بالأبصار، وأرباب الأبصار أكثر، فإذا خالف العمل العلم منع الرشد، وكل من تناول شيئا وقال للناس لا تتناولوه فإنه سم مهلك، سخر الناس به واتهموه وزاد حرصهم على ما نهوا عنه، فيقولون لولا أنه أطيب الأشياء وألذها لما كان يستأثر به ".
ويقول أيضا: " ثم مهما ظهر من الصبي من خلق جميل وفعل محمود فينبغي أن يكرم عليه ويجازى عليه بما يفرح به ويمدح بين أظهر الناس، فإن خالف ذلك في بعض الأحوال مرة واحدة، فينبغي أن يتغافل عنه ولا يهتك سره ولا يكاشفه ولا يظهر له أنه يتصور أن يتجاسر أحد عليه مثله، ولا سيما إذا ستره الصبي واجتهد في إخفائه، فإن إظهار ذلك عليه ربما يفيده جسارة حتى لا يبالي بالمكاشفة، فعند ذلك إن عاد ثانيا فينبغي أن يعاتب سرا ويعظم الأمر فيه ويقال له: إياك أن تعود بعد ذلك لمثل هذا، وأن يطلع عليك في مثل هذا فتفتضح بين الناس، ولا تكثر القول عليه بالعتاب في كل حين. فإنه يهون عليه سماع الملامة وركوب القبائح، ويسقط وقع الكلام من قبله ".
وبعد فقد أطلنا الرحلة في جولتنا بين أجواء التربية مستوحاة من القرآن بعد أن بينا جوانبا من فلسفة التربية في الإسلام وإن لم نحط بها فالإحاطة تتطلب جهدا أكثر من ذلك بكثير. ولعلنا قد أشرنا إلى أصول التربية في كتابنا (علي والأسس التربوية) فقد أعطينا هناك فكرة عامة عن التربية التي يتطلبها الإنسان